2015/06/09

خربشات مواطن .. بين الأنواء المناخية، وأنواء أزمة المياه في مسقط

خربشات مواطن .. بين الأنواء المناخية، وأنواء أزمة المياه في مسقط




قبل 8 أعوام وتحديدا في 6/يونيو/2007م تعرضت بلادنا الحبيبة لأنواء مناخية لم تتعرض لمثلها منذ عقود مضت، وقد خلفت تلك الأنواء أضرارا جسيمة لم تقتصر على الممتلكات فحسب وإنما أودت بحياة عدد لا بأس به من المواطنين والمقيمين، ودمرت بعض مقومات البنية التحتية للبلاد. لقد أظهرت تلك الظروف التي مرت بها البلاد عجز المؤسسات المعنية والمنوط بها التصرف في مثل هذه الحالات، أظهرت عجزا غير مسبوق في التعاطي مع الآثار التي خلفتها تلك الأنواء. وقبل هذا وذاك لم تأخذ في الحسبان وهي تخطط لمشاريع البنية التحتية السجل المناخي للسلطنة الذي يحمل بين دفاته ذكريات عن أنواء مناخية أصعب من تلك التي نحن في حضرتها.

ولكن وكما يقول المثل “رب ضارة نافعة”، فقد تمخض من هذا التقصير والعجز، ولا نشك أنهما كانا مقصودين بل ربما كانا نتيجة خطأ في الحسابات، تمخض عنهما ملحمة وطنية رائعة تمثلت في تكاتف وتعاون قل نظيره بين مختلف فئات المجتمع العماني من مواطنين ومقيمين والمؤسسات الوطنية المعنية بالتعاطي مع مثل هذه الحالات من الهيئات والوزارات ومؤسسات القطاع العام والخاص ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية. لقد كان هذا الحدث الاستثنائي بمثابة إختبار للشعب العماني حقق فيه نجاحا منقطع النظير في التماسك والتكاتف والتلاحم على كافة المستويات عَكَسَ مدى حبهم لهذه الأرض المعطاء. وما هي إلا أسابيع قليلة حتى عادت الأرض كما كانت عليه تقريبا قبل تلك الأنواء المناخية في أغلب الأماكن المتضررة.

لقد انصهرت الطبقية والمذهبية والمناطقية واختلاف الأفكار والآراء في بوتقة حب الوطن مُخَلفة أروع نموذج للمواطنة والأخوة والانتماء وأجمل صورة لأروع تلاحم بين الحكومة والمواطن والتي جاءت ترجمة وحصادا لما دأب قائد هذا الوطن المفدى – حفظه الله – على زرعه في نفوس أبناءه منذ أن تولى مقاليد الحكم في البلاد.

لم تكد العاصفة أن تهدأ والسماء أن تستعيد زُرقتها والمياه أن تنحسر، حتى بدأت ورشة العمل في مختلف محافظات السلطنة وولاياتها لحصر الأضرار التي خلفتها هذه الحالة الاستثنائية التي مرت بها البلاد، وبدأ أخوة الوطن في مسح وجرد الأضرار، ومعرفة حجم الخسائر، وتسابق الصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغني والمواطن والمقيم في مد يد العون إلى إخوانهم الذين تضررت ممتلكاتهم.

كما رأينا جهود الجميع رجالا ونساءً، صغارا وكبارا في إعادة الحياة إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن، وفعلا عادت معظم المناطق المتضررة إلى سابق عهدها بل وأفضل من ذلك في فترة زمنية قياسية. ولكن، وكما قال الشاعر: “لكل شئ إذا ما تم نقصان”، فإن فرحتنا بهذه الملحمة الكبيرة لم تكتمل حتى الآن، لأن هناك أخوة لنا في بعض المناطق التي تأثرت بتلك الأنواء المناخية لم تتم معالجة أوضاعهم حتى تاريخه ولا زالوا يسكنون في بيوت غير ثابتة، وكأن العاصفة مرت بهم بالأمس فقط. هؤلاء جزء من تلكم الملحمة التي تحدثنا عنها وبالتالي يحق لهم أن يتساءلوا، لماذا هذا التأخير؟، وما هو السبب في عدم إعادة الإعمار في تلكم المناطق إلى هذا الوقت المتأخر؟ نرجوا أن لا يطول انتظارهم وتكون فرحتهم قريبة بإذن الله.

لا شك أن الشعوب الناحجة تتعلم من أخطائها وسلبيات بعض إجراءاتها وقراراتها وسياساتها، ولا ضير في أن نتعلم من أخطائنا، ونكون على استعداد تام لمواجهة الأخطار سواء أكانت من فعل الطبيعة أم من صنع البشر وما أكثرها هذه الأيام وما أسرع تكرارها.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلا بأس أن نشير إلى أزمة المياه التي تعيشها العاصمة مسقط هذه الأيام. فها هم معظم سكان ولايات مسقط قد دخلوا أسبوعهم الثالث وهم يستعينون بالرمضاء من النار، أي بأصحاب التناكر من شح المياه ولكن مجبر أخاك لا بطل. 

وهنا وبعد مرور خمس وأربعين عاما من عمر النهضة المباركة، أليس من حق المواطن أن يتسائل أين الخطط الطارئة والإجراءات البديلة للتعاطي مع مثل هذه الحالات، خاصة وأن بلادنا الحبيبة ونتيجة لما يشهده العالم من التغيير المناخي عُرضة للأنواء المناخية أكثر من أي وقت مضى. كذلك فالمنطقة والعالم بأسره يشهد حالة غير عادية من عدم الاستقرار والحروب العبثية.

لا شك أن الزيارة التي قام بها عدد من المسؤولين لمحطة الغبرة يوم أمس للاطلاع على سير العمل في المحطة الجديدة بالغبرة والإجراءات التي تبنوها ونرجو أن يتم تنفيذها، لا شك أنها خطوة جيدة وإن جاءت بعد صمت طويل ومعانات طويلة من قبل سكان مسقط. والمطلوب الآن العمل على وضع خطط طوارىء لمختلف الأوضاع الطارئة التي قد تواجهها البلاد سواء لمواجهة آثار الأنواء المناخية أو الأعطال الطارئة في مصادر المياه والكهرباء والطرق، لا سيما في ظل توفر محطات عائمة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء.

ختاما، يجب أن تكون هنالك وقفة حازمة وصارمة لمحاسبة المقصرين، أفرادا كانوا أو مؤسسات، في أزمة المياه الراهنة أو أي تهاون قد يسبب أزمة ومعاناة للمواطن في أي ناحية من مناحي الحياة اليومية التي أفنى قائد هذه المسيرة المباركة – أطال الله في عمره – في سبيل توفير كافة سبل العيش الكريم للمواطن أين ما كان على هذه الأرض المباركة. إذ أنه من المعيب بعد مرور خمس وأربعين عاما من النهضة المباركة والإنجازات الكبيرة التي تحققت أن يكون السؤال الثاني عند لقاء مواطنين – في العاصمة مسقط – بعد السؤال عن الصحة والأولاد، عندكم ماي؟ كما كتب أحدهم في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي .

نشرت في جريدة الحدث العمانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق