2013/03/17

الطب لخدمة الإنسان




الطب لخدمة الإنسان

إن أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة "الطب" أو "الطبيب" هو التضحية التي يقدمها هذا الإنسان من أجل راحة أخيه الإنسان المريض المتعب، الذي انهكه المرض وأخذ منه مأخذا كبيرا. ولعل ارتباط هذه الكلمة بالتضحية دليل على شرف هذه المهنة ونبلها وكمالها، حيث لا تجد طبيبا إلا وقد أخذ على عاتقه مساعدة الآخرين والتضحية بما يملك من وقت وراحة لأجل راحة المرضى وذويهم.
        
         ولعلنا نجد الكثير من الأمثلة الحية في زماننا هذا من أطباء مختلفين يسهرون على راحة المرضى حتى وإن لم يكونوا تحت عنايتهم المباشرة، بل حتى وإن كانوا أعداءً لهم وأستذكر هنا القسم الطبي حين قلنا بأننا لن نفرق بين عدو وصديق في المعاملة وفي العلاج، لاحظوا معي حتى العدو يجب يُعامل معاملة الصديق تماما في هذه المهنة النبيلة. وهذا ما حثنا الإسلام عليه فيقول الله تعالى في محكم كتابه:" إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" وهكذا كان تعامل النبي صلى الله عليه واله وسلم مع أعداءه حتى الجرحى منهم فقد أمر النبي صلى الله عليه واله وسلم في إحدى معاركه بأن لا يجهز – أي يقتل – أصحابه الجرحى من جيش العدو.

          لكن ما يحصل الآن هو أنحراف بعض الأطباء عن هذه الجادة، واتخاذهم للطب كعامل لجلب المال والسمعة الطيبة في المجتمع الذي يعيشون فيه، فنراهم ينهكون أنفسهم في العمل ليلا ونهاراً، لكن ليس لأجل راحة المرضى وعلاجهم، بل لأجل أن يعرفهم المجتمع وأن يكسبوا من وراء ذلك المال الوفير. فما يُسمى "البرستيج" الذي بات منتشرا في حياتنا الإجتماعية كفيل بأن يغير فِكر الإنسان ويأخذ به إلى حيث لا يُرضي الله ورسوله. لا أقول بأنه يجب الإبتعاد عن التفكير في المال والسمعة الطيبة فإن كلاهما مهم للغاية، ولكن بشرط أن لا نُهمل الجانب المعنوي من الطب ونركز على الجانب المادي منه فقط.

          وأخيرا، فإن ندائي إلى أخوتي الطلاب وزملائي الأطباء وكل من يعمل في هذا المجال، أن يكون هدفه الأول والثاني والأخير هو رضا الله تعالى وخدمة الإنسان بما هو إنسان وترك جميع الأهداف المادية من وراء الطب، فإن النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم يقول:" حاجات العباد اليكم، نِعَم الله عليكم"، أي أنك أيها الطبيب عندما تعالج هذا المريض فإنك تشكر الله على نِعَمه التي أنعمها عليك، فلا تُضيعوا أنعم الله تعالى عليكم بنكرانها وعدم الإهتمام بها.

رضا بن عيسى اللواتي
مسقط - سلطنة عمان
نُشرت في ملحق الأنوار التابع لدائرة الإعلام - جامعة السلطان قابوس 11/3/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق