السمنة عبء على مجتمعاتنا
داء انتشر في
مجتمعاتنا بصورة كبيرة وغريبة للغاية، حيث أصبح الصغير والكبير مصابين بهذا الداء على
حد سواء، ومع طريقة الحياة العصرية والتطور التكنولوجي زادت نسبة المصابين بهذا الداء.
هذا الداء هو السمنة أو بتعبير آخر، زيادة الوزن عن المعدل الطبيعي للشخص، ويعود
السبب في زيادة الوزن بهذا الشكل إلى فقدان التوازن بين الطاقة الداخلة إلى الجسم
عن طريق الطعام والطاقة الخارجة من الجسم أو المستهلكة بأنواعها المختلفة.
في هذا النطاق، أجرى الباحثون عددا من
الدراسات تهدف إلى تحديد نسبة المصابين بالسمنة حول العالم، فوجدوا أن نسبة
المصابين بهذا الداء تزيد مع مرور الزمن. فعلى سبيل المثال، أجريت دراسة في
الولايات المتحدة الأمريكية لتحديد مدى تفشي هذا الداء في المجتمع الامريكي،
فأوضحت الدراسة أن نسبة المصابين بالسمنة كانت 15% من المجتمع الأمريكي بين عامي
1976-1980م وزادت هذه النسبة لتشكل حوالي 33% من المجتمع الأمريكي بين عامي
2003-2004م، كل ذلك حدث في غضون 20 سنة أو أقل، وتوقعت الدراسة زيادة هذا العدد في
الأعوام المقبلة. أما في سلطنة عمان فقد أوضحت الدراسات بأن نسبة السكان المصابين
بالسمنة وزيادة الوزن قد وصلت إلى 50% من المجتمع العماني، ومما لا شك فيه فإن هذه
النسبة كبيرة للغاية ولها تأثيراتها السلبية على المدى القريب فضلا عن المدى البعيد.#
بعد هذا العرض الموجز عن الإحصائيات
المتعلقة بالسمنة، ننتقل إلى أسبابها، والسبب الأول والرئيس في الإصابة بالسمنة هو
النظام الصحي للفرد. حيث أن زيادة نسبة الطاقة الداخلة للجسم عن طريق الطعام
وبالخصوص من المواد السكرية أو الدهنية يشكل طاقة إضافية يجب التخلص منها عن طريق
ممارسة الرياضة، ولو بنصف ساعة من المشي يوميا. من جانب آخر فإن أسلوب الحياة
الجديد من حيث قلة الحركة وزيادة الوقت الذي يقضيه الفرد في مشاهدة التلفاز
واستخدام الأجهزة الإلكترونية يتسبب في تقليص كمية الطاقة المستهلكة من الجسم،
وبالتالي زيادة نسبة المواد الدهنية المتراكمة فيه، وقد قيل قديما "في الحركة
بركة".
وقد يتسائل البعض، هل للعامل الوراثي
دور في إصابة الفرد بالسمنة؟. في الحقيقة إن هذا السؤال أثار العديد من النقاش بين
العلماء والمتخصيين في هذا المجال، حيث ذكر البعض من المتخصصين بأن للعامل الوراثي
دور في الإصابة بالسمنة بالإضافة إلى ما ذكرناه أعلاه، بينما ركز البعض في دراساته
على العامل الوراثي فقط دون الرجوع إلى بقية الأسباب خصوصا إذا ما كان الحديث عن
بعض المتلازمات النادرة. جدير بالذكر أن العلماء قد اكتشفوا 41 تركيبا جينيا في
المادة الوراثية للإنسان لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالإصابة بالسمنة بشرط
توافر العوامل الأخرى، وقد كان ذلك في عام 2006م، ولكن هذه الاكتشاف المبهر بحاجة
إلى مزيد من الدراسة والتنقيح لأجل التوصل إلى معلومات أكثر دقة وفائدة للعاملين
في هذا المجال والمصابين بالسمنة.
السؤال الأهم، ما هي تأثيرات السمنة على
صحة الإنسان؟. في هذا الإطار أجرى العلماء ابحاثا عديدة وواسعة شملت العديد من
الأشخاص وفي فترات متباعدة، أكدت على أن للسمنة تأثيرات سلبية على الحالة الصحية
للإنسان المصاب بالسمنة، خصوصا الجهاز الدوري والقلب، الجهاز التنفسي والجهاز
العضمي للإنسان. أما عن الجهاز الدوري والقلب، فقد أثبت العلماء أن السمنة ترفع من
معدلات الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، كما تساهم بشكل كبير في إصابة الفرد بالسكتة
القلبية. كما أن للسمنة تأثيرا على الجهاز التنفسي، فأوضحت الدراسات بأن مرض الربو
منتشر أكثر عن الأشخاص المصابين بالسمنة. من ناحية آخرى فقد أوضحت التقارير الطبية
بأن مرض السمنة تزيد من إصابة النساء بمرض الإكتئاب.
وقد أكدت المصادر الطبية على أن داء
السكري له علاقة وطيدة بارتفاع الوزن لدى الشخص المصاب به، كما أن السمنة تزيد من
إحتمال اصابة الفرد بالجلطة الدماغية أو الصداع النصفي. بالإضافة إلى ذلك، فقد
أكدت هذه التقارير والأبحاث على أن هناك بعض العلاقة بين ارتفاع الوزن والسمنة
وبين العقم سواء كان ذلك للرجل أو المرأة، إلى غير ذلك من المشاكل والتأثيرات
السلبية على صحة الإنسان.
وفي دراسة اجريت في الولايات المتحدة
الأمريكية، وجد من خلالها أن نسبة الوفيات لدى المصابين بالسمنة المفرطة تشكل ضعف
النسبة مقارنة بالأشخاص الغير مصابين بالسمنة في دراسة أجريت على الإناث البالغين
من العمر 16 سنة وأكثر. كما أجريت دراسة أخرى أثبتت أن السمنة تنقص من العمر المتوقع
للفرد بمقدار 6-7 سنوات كاملة. يذكر، أن نسبة 8% من مجمل الوفيات في القارة
الأوروبية تعود إلى السمنة وأثارها السلبية على صحة الإنسان.
ولهذا عكف العلماء على إيجاد حلول لهذه
المشكلة الكبيرة ووجدوا بأن أفضل دواء للسمنة وأفضل طريقة للتخلص منها، هي تغيير
النظام الغذائي للفرد وجعله أكثر صحيا وملائمة للشخص ولطبيعة جسمه، بالإضافة إلى
التمارين الرياضية والإنتظام فيها. وقد أثبتت الدراسات أن الإنتظام الغذائي
والرياضة يشكلان العنصر الأساسي للمساعدة على إنقاص الوزن بصورة سريعة والمحافظة
عليه. كما تحدثت بعض الدراسات عن بعض الأدوية التي من الممكن أن تساعد على إنقاص
الوزن ولكن ذلك يتم على المدى البعيد ولها عدد من التأثيرات الجانبية الغير محبذة.
أما بالنسبة للسمنة المفرطة فإن العملية الجراحية هي الحل الأمثل إن لم يستطع
المصاب بالسمنة أن ينتظم في طعامه وممارسة الرياضة، وعلى كل حال فإن لها بعض
الاثار الجانبية التي لا يحبذها المصاب.
ختاما، فإن مرض السمنة يتزايد بشكل مفرط
في مجتمعاتنا العربية والخليجية على وجه أخص، ويجب على الأفراد والمسؤولين معا
العمل على علاج المصابين بها، ووقاية الجيل الجديد من الإصابة بهذا المرض خصوصا
وأن "الوقاية خير من العلاج".
رضا بن عيسى اللواتي
طالب بكلية الطب والعلوم الصحية
ملف المسار .. نشرة المسار .. دائرة العلاقات العامة والإعلام .. جامعة السلطان قابوس
20/مايو/2013