الدروس الخصوصية.. ضررها أكبر من نفعها «2-2»
بعد أن بحثنا في أسباب ظاهرة الدروس الخصوصية، فمن المهم أيضا أن نبحث عن سلبيات تفشي هذه الظاهرة وآثارها على المجتمع العماني، فالواضح أن هذه الظاهرة تترك بصمات سلبية على أطراف عدة في المجتمع وهي الطالب والمعلم والمجتمع. فنلاحظ أنه عندما يستعين الطالب بالمدرس الخصوصي فإن اعتماده على النشاط الفصلي يتضاءل تدريجيا وقد ينعدم أحيانا، فتقل إنتاجيته في الصف الدراسي، وبالتالي تقل نسبة مشاركته في النشاط الصفي بل تكاد تنعدم مشاركته في الأنشطة المدرسية جميعها، الأمر الذي ينعكس سلبا على أداء المعلم الذي لا يجد في الفصل من يتجاوب معه ويهتم بما يقول وهذا بدوره ينعكس على بقية الطلاب الذين يتوقعون من المعلم عطاءً متزايدا يشبع إحتياجاتهم.
ولو علمنا ان أغلب من يعطون الدروس الخصوصية يركزون على تلقين المنهج للطالب، بل إن بعضهم يلقنهم أجوبة امتحانات الأعوام السابقة لعل وعسى أن تقع بعضها في اختبار العام الحالي، لذلك فإن الدروس الخصوصية وبالطريقة التي تعطى لا تتعدى عن كونها عملية تلقين الطالب للمنهج أو أسئلة الاختبارات، وهذه العملية تعتمد في مجملها على الحفظ فقط، دون الاهتمام بصقل شخصية الطالب وتكوينها، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على أداء الطالب في مرحلة الدراسة الجامعية، لأن الدراسة الجامعية كما هو معروف لا تعتمد على مبدأ التلقين والحفظ، بل على القراءة والبحث والاستقصاء، ناهيك أن هذا الأسلوب يتعارض أيضا مع واحد من الأهداف الأساسية والرئيسية للمدرسة، ألا وهو صقل مهارات الطالب وتعليمه مبدأ الاعتماد على الذات في الحصول على المعلومة، وهذا ما لا يتحقق بسبب الدروس الخصوصية.
ولو علمنا ان أغلب من يعطون الدروس الخصوصية يركزون على تلقين المنهج للطالب، بل إن بعضهم يلقنهم أجوبة امتحانات الأعوام السابقة لعل وعسى أن تقع بعضها في اختبار العام الحالي، لذلك فإن الدروس الخصوصية وبالطريقة التي تعطى لا تتعدى عن كونها عملية تلقين الطالب للمنهج أو أسئلة الاختبارات، وهذه العملية تعتمد في مجملها على الحفظ فقط، دون الاهتمام بصقل شخصية الطالب وتكوينها، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على أداء الطالب في مرحلة الدراسة الجامعية، لأن الدراسة الجامعية كما هو معروف لا تعتمد على مبدأ التلقين والحفظ، بل على القراءة والبحث والاستقصاء، ناهيك أن هذا الأسلوب يتعارض أيضا مع واحد من الأهداف الأساسية والرئيسية للمدرسة، ألا وهو صقل مهارات الطالب وتعليمه مبدأ الاعتماد على الذات في الحصول على المعلومة، وهذا ما لا يتحقق بسبب الدروس الخصوصية.
ومع تزايد عدد الطلاب الذين يتعاطون الدروس الخصوصية تصبح حاجتهم إلى المدرسة غير ضرورية، ربما لإثبات الحضور ليس إلا، وبالتالي تتناقص علاقتهم بها، بل ربما تنعدم، بل إن غياب بعضهم يصبح أفضل من حضورهم بحيث تتوتر علاقاتهم مع معلميهم، وإذا حضروا يثيرون الفوضى في الفصل الدراسي ولا يبدون أي جدية في الدراسة، الأمر الذي يؤثر سلبا وبشكل كبير على بقية الطلاب ممن يعتمدون بشكل كلي على المدرس في تحصيلهم العلمي.
بالإضافة إلى ذلك فإن لهذه الدروس الخصوصية تأثيرا سلبيا على أولياء الأمور أيضا، حيث إنها تشكل لهم عبئا ماديا واجتماعيا. فمن جهة فهي تستنزف أموالهم التي قد يكونون بحاجة إليها لمآرب أخرى، ومن جهة ثانية تشكل مضيعة كبيرة للوقت، حيث يضطر أولياء الأمور لتغيير برامجهم ومواعيدهم اليومية لإيصال أبنائهم إلى بيوت المدرسين، وهو ما يترتب عليه إلغاء بعض ارتباطاتهم العائلية وقد تكون مهمة وضرورية.
أخيرا فقد آن الأوان لكي ندق ناقوس الخطر بعد أن أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية سلعة تجارية بحتة، فبعد أن كانت الحصة الواحدة مقابل 10 ريالات، أصبحت الأن مقابل 15 – 20 ريالا للحصة الواحدة، وهي في زيادة مستمرة كل عام. كذلك فبعد أن كان عدد الطلاب المشاركين في الحصة الواحدة لا يتجاوز 4-5 طلاب في المجمل، أصبح عاديا بأن يقبل المعلم مشاركة 7-8 طلاب في المتوسط وربما أكثر من ذلك، علما بأن بعض المعلمين يستمرون في عملهم الخاص هذا إلى ساعات متأخرة من الليل.
وفي الحقيقة ليست هذه كل أضرار الدروس الخصوصية وسلبياتها، ولكن عرضنا الأكثر تأثيرا على الطالب، والمعلم في المدرسة، وأولياء الأمور، لذلك كان لابد من إيجاد حلول لهذه الظاهرة السلبية التي انتشرت بشدة في مجتمعنا العمانية ولا تقتصر عليه وإنما تعاني منها معظم الدول العربية أيضا.
وعليه فإنه من الأهمية بمكان وضع خطة طويلة الأمد لمعالجة هذه الظاهرة يمكن إيجازها في النقاط التالية:
– إعادة صياغة المناهج التعليمية بحيث تتناسب مع الزمن الدراسي في العام الواحد، وتتناسب أيضا مع التطور الحضاري والعلمي والتكنولوجي باستخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية. ولا بد من أن تكون المقررات أكثر تشويقا وأبسط في الشرح حتى يكون في وسع ولي الأمر أو أي فرد من أفراد الأسرة مساعدة الطالب في فهم ما قد يكون فاته في المدرسة، إذ إن أسلوب الشرح الموجود في الكتب الحالية للمقررات لا يختلف كثيرا عن اللوغاريثمات التي يحتاج أولياء الأمر لمن يشرحها لهم أولا.
– إعادة صياغة المناهج التعليمية بحيث تتناسب مع الزمن الدراسي في العام الواحد، وتتناسب أيضا مع التطور الحضاري والعلمي والتكنولوجي باستخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية. ولا بد من أن تكون المقررات أكثر تشويقا وأبسط في الشرح حتى يكون في وسع ولي الأمر أو أي فرد من أفراد الأسرة مساعدة الطالب في فهم ما قد يكون فاته في المدرسة، إذ إن أسلوب الشرح الموجود في الكتب الحالية للمقررات لا يختلف كثيرا عن اللوغاريثمات التي يحتاج أولياء الأمر لمن يشرحها لهم أولا.
– العامل الآخر هو اعتماد أسلوب التقييم المستمر، وزيادة نسبة الدرجات الفصلية مقارنة بالإمتحانات النهائية، وبالتالي يكون الطالب ملزما بالحضور والمشاركة والاهتمام بالحصص الدراسية طوال السنة الدراسية، كما أن هذا التغيير سوف يساهم في زيادة الحافز لدى المعلم للاهتمام بالحصة الدراسية وزيادة الأنشطة الصفية فيها أيضا.
– العامل الثالث والأخير هو تطوير قدرات المعلمين ممن يحتاجون إلى ذلك، وتهيئة الظروف اللازمة لهم لتطوير أنفسهم والاستعانة بالطرق الحديثة لمواكبة العصر فيما توصل إليه من أساليب وطرق التدريس من خلال إقامة ورش تدريبية بين الحين والآخر، وإرسال هؤلاء المعلمين في دورات تدريبية في بعض الدول المتقدمة علميا وإطلاعهم على آخر ما توصلت إليه هذه الدول من تطورات في العملية التعليمية، ومن ثم تطبيقها في مدارسنا.
– أخيرا، فإن التوعية والتوجيه تلعب دورا مهما في هذا السياق، توعية المعلم في المدرسة، والطالب وولي الأمر، بأهمية الالتزام بالحصة الدراسية، وفائدتها، والتركيز على أنها الأساس في العملية التعليمية.
– العامل الثالث والأخير هو تطوير قدرات المعلمين ممن يحتاجون إلى ذلك، وتهيئة الظروف اللازمة لهم لتطوير أنفسهم والاستعانة بالطرق الحديثة لمواكبة العصر فيما توصل إليه من أساليب وطرق التدريس من خلال إقامة ورش تدريبية بين الحين والآخر، وإرسال هؤلاء المعلمين في دورات تدريبية في بعض الدول المتقدمة علميا وإطلاعهم على آخر ما توصلت إليه هذه الدول من تطورات في العملية التعليمية، ومن ثم تطبيقها في مدارسنا.
– أخيرا، فإن التوعية والتوجيه تلعب دورا مهما في هذا السياق، توعية المعلم في المدرسة، والطالب وولي الأمر، بأهمية الالتزام بالحصة الدراسية، وفائدتها، والتركيز على أنها الأساس في العملية التعليمية.
ختاما، لا بد من بذل كافة الجهود لوقف تنامي ظاهرة الدروس الخصوصية قبل أن يتسع الشرخ الذي أوجدته بين الطالب والمدرسة من جهة، وولي الأمر والمدرسة من جهة أخرى، وسوف تكون له عواقب وخيمة لو تم التراخي في إيقاف تنامي هذه الظاهرة السلبية التي باتت تنتشر بشدة في مجتمعنا العماني، ولابد من وقفة جادة ومسؤولة من قبل الجميع من أجل العودة إلى أن تكون المدرسة هي الأساس في العملية التعليمية والتربوية.
نشرت في ملحق مرايا التابع لجريدة عمان بتاريخ 23/10/2014م.