2014/03/04

معركة الجليل القادمة

معركة الجليل القادمة


لست محللا سياسيا، ولست من هواة السياسة، ولكن اسلوب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاباته وحديثه مع الجماهير دعاني لكتابة هذا المقال. سماحة السيد حسن نصر الله نشأ في كنف المقاومة الإسلامية ونشأ مناهضا للإحتلال الصهيوني. عاش مرارات الهزائم العربية في حروبها مع الكيان الصهيوني الغاصب، وعاش آلامها وعاش اجتياحها للبنان في عام 1982م وخروجها من لبنان ذليلة في عام 2000م، وفي الأخير قاد النصر على الكيان الصهيوني في عدوان تموز 2006م.

كل هذا عاشه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبين هذا وذاك حروب اخرى ومعارك أخرى على الأراضي الفلسطينية أو اللبنانية أو العربية. السيد حسن نصر الله له كاريزما مختلفة عن بقية القيادات العسكرية أو الدينية، له أسلوب خاص في الحديث وقوة اقناع عجيبة، هذا الرجل إن قال صدق، وإن وعد نفذ. وقد رأينا في العام 2006 كيف كان سماحة السيد يقول شيئا، فيقوم المقاومون الأفذاذ بالفعل، كان يعد الصهاينة فيحدث ما وعد. وقبل ما يقارب الثلاثة أعوام أو أقل من ذلك، رأى حزب الله بأن عليه الدخول إلى سوريا بعد أن دخلت إليها القوى الإرهابية والتكفيرية باسم الربيع العربي أو الثورة ضد نظام الأسد.

في ذلك الوقت إرتأى الحزب، وفي مقدمتهم سماحة السيد حسن نصر الله بأن معركة سوريا هي معركة الوجود، فسوريا تمثل دعامة كبيرة للحزب، بل ظهرا يستند إليه هذا الحزب، وهي الدولة العربية الوحيدة التي تدعم حزب الله جهارا، حكومة وشعبا. فرأى الحزب بأن دخوله إلى سوريا هو حماية لمحور المقاومة من النهج التكفيري الواضح ومن الطريقة الإرهابية المقيتة. لقد رأى حزب الله بدخوله إلى سوريا ثبات المقاومة وزيادة شعبيتها وقوتها خصوصا في معركة القصير، حيث رأينا بأن حزب الله شارك فيها بكل قوة وبسالة وكل عنفوان من أجل الحفاظ على الوجود كما صرح بذلك سماحة السيد حسن نصر الله، ومن أجل أن لا يعطي فرصة للإرهابيين التكفيريين بالدخول إلى لبنان كما دخلوا إلى سوريا.

فانتصر حزب الله والجيش السوري في معركة القصير، وكانت هذه المعركة كما ذكرت وكالات الإعلام والقنوات التلفزيونية الصهيونية ومواقعهم الالكترونية، تدريبا واقعيا لحزب الله لأي معركة قادمة ضد الكيان الصهيوني، حيث تراكمت لدى حزب الله قوة عظمى، وتفاقمت قدرته وقوته القتالية. وقد أعلن سماحة السيد في إحدى خطاباته السابقة بأن العدو الصهيوني بات خائفا من دخول حزب الله إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى شمال الكيان الصهيوني أي إلى الجليل، بعد معركة القصير.

ومن هنا، برزت تحليلات عسكرية واستراتيجية تتحدث عن الكيفية التي سوف يدخل فيها حزب الله إلى الجليل، وما هي قدرة حزب الله البشرية والصاروخية حينما يقرر الدخول إلى الجليل، وهل يستلزم أن يدخل حزب الله بكامل قوته إلى الجليل، وكم يستطيع حزب الله الصمود في معركة كبيرة كهذه. وقد تحدث هؤلاء المحللون عن قدرة صاروخية هائلة تمكن حزب الله من إطالة أي معركة قادمة لأمد طويل جدا، والدخول في حرب استنزاف مع الكيان الصهيوني. وقد تسائلوا أيضا عن عديد قوات حزب الله وجنوده، حيث تحدث أحد المحللين الأمريكيين بأن لدى حزب الله ما يقارب 5000 مقاتل يمكنه من الدخول إلى الجليل واستعادتها من السيطرة الصهيونية، ولكن السؤال المطروح، هل يمتلك حزب الله هذا العدد الكبير من المقاتلين، وهل يحتاج حزب الله إلى هذا العدد للدخول إلى الجليل، وقد رأينا بسالة مئات من المقاتلين في حرب تموز 2006م في مواجهة قوافل الجيش الصهيوني.

إن لدى حزب الله قدرة على زيادة عدد جنوده وإنقاصهم متى ما أراد ذلك، حيث أن لديه قاعدة جماهيرية واسعة تمكنه من هذا الأمر، ولديه احتياط واسع يمكنه المشاركة في أي حرب مقبلة. ويذكر أحد المحللين اللبنانيين أن المتواجدين في سوريا الآن هم قوات احتياط فقط، وهم من انتصروا في القصير، وهم من يقاتلون في يبرود. وأن القوة الأساسية والتي من أهم أعمالها هو التصديق لأي عدوان إسرائيلي على لبنان، وربما في الحروب القادمة استعادة الجليل، لا تزال موجودة في لبنان، وتعمل بكل جد واتقان من أجل هذه اللحظة.

إن تحليلات المحللين العسكريين والسياسيين شيء، وما في جعبة حزب الله من مفاجآت شيء آخر، فما رأيناه في الأيام الماضية فاق التحليلات والخطط التي وُضعت من القوات الصهيونية والأمريكية، وقدرة حزب الله لا تزال تتزايد يوما بعد يوم. فهل ستكون الجليل محطة حزب الله القادمة، وهل ستطال صواريخ المقاومة كل فلسطين المحتلة من كريات إلى إيلات، وما هي مفاجآت حزب الله القادمة؟ اسئلة تحتاج إلى إجابات، وهذا ما قد نشاهده في أي حرب قادمة.


رضا بن عيسى اللواتي
مسقط – سلطنة عمان
نشرت في جريدة القدس العربي
ونشرت في araa.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق