2012/02/14

حصيلة المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي


حصيلة المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي



انطلقت في الـ 28 من شهر يناير الماضي فعاليات المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي بجامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الطب والعلوم الصحية، والتي استمرت فعالياتها إلى الأول من شهر فبراير الحالي، وذلك في ثاني مؤتمر من نوعه تستضيفه جامعة السلطان قابوس بعد المؤتمر الرابع الذي أقيم عام 2006 م. وشارك في المؤتمر أكثر من 1200 طالبٍ وطالبة من كافة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى بعض المشاركين من مختلف دول العالم، وبعض الوفود الرسمية من الجامعات الخليجية.

هَدَفَ المؤتمر الذي رعى حفل افتتاحه معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة إلى تنويع مصادر التعلم لدى طلاب كليات الطب، عن طريق المحاضرات والبحوث العلمية، والتي احتوت على نتائج تفيد الطالب في دراسته الجامعية وما بعد تخرجه، بالإضافة إلى ذلك أقيمت ورش العمل التي تنوعت في مجالاتها وطريقة عرضها. ومما استهدفه المؤتمر - بالإضافة إلى الجانب العلمي - هو مد جسور التواصل والمحبة بين أبناء منطقة الخليج، وزيادة التعاون بينهم في شتى مجالات الحياة، وتعريفهم على ثقافة وتراث سلطنة عمان.

وأكد معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة في لقاء معه في حفل الافتتاح على أهمية هذا المؤتمر فقال: "أود ان أبارك لطلاب كلية الطب والعلوم الصحية وجامعة السلطان قابوس هذا التنظيم الرائع وهذا المؤتمر الذي يشارك فيه طلاب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول أخرى. ومما يثلج الصدر أن المواضيع التي ستُناقش خلال المؤتمر هي مواضيع ذات اهمية عالية؛ خاصة وأنها تتعلق بالأمراض المزمنة كضغط الدم والقدم السكرية، ونتمنى لجميع المشاركين مستقبل عملي باهر لخدمه ذويهم ومجتمعاتهم".


اشتمل برنامج حفل الافتتاح على كلمة للدكتور يحيى بن محمد الفارسي، عميد كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس، حيث استهل كلمته بما كان يبتدئ  به قس بن ساعدة الإيادي حيث قال: ""من عاش مات، ومن مات فات، و كل ما هو آت آت"، بهذه الكلمات كان يصدح قس بن ساعدة الايادي في سوق عكاظ، حيث كانت تجتمع قبائل شبه الجزيرة العربية لتعاطي الشعر والأدب واللغة والثقافة والعلم والحضارة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هي وفود الخليج وحملة شعلة العلم والنور تجتمع اليوم في عكاظ عمان، في رحاب جامعة السلطان قابوس. فأهلا و سهلا بكم جميعا". وقد أكد في كلمته على النمو والتطور السريعين للعلوم الطبية حيث قال:"الطب يتغير، ويتغير بسرعة. إن قدركم أيها الجيل أنكم وُجدتم في مرحلة حرجة من مراحل تطور الطب المليئة بالاثارة، فالطب أضحى يتغير بشكل لحظي". داعياً طلاب الطب في مختلف دول الخليج إلى مواكبة هذا التطور لرسم البهجة والفرح بين أفراد المجتمع. وذكر في خِضم حديثه بأن الإنسان يبقى كما هو متطلعا إلى الأمل والحب والأمان، ولا يتغير حتى لو تغيرت السنون والأزمنة فقال: "الإنسان هو الإنسان، سيبقى  حيثما حل و أينما ارتحل مُتطلعا الى الأمل والحلم و الحب والأمان". وأختتم الدكتور يحيى الفارسي بشعر قس بن ساعدة الإيادي.



تلا كلمة العميد، كلمة ألقاها رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، الطالب محمد بن سليمان الغافري، حيث تحدث فيها عن الأهمية العلمية التي يحملها هذا المؤتمر وما تحقق في الأعوام السابقة فقال: "حقق المؤتمر في نسخه السابقة جميع الأهداف والتطلعات التي رُسم من أجلها، ونحن اليوم نجني ثمرة هذا الإنجاز وتلك الجهود المبذولة، فعدد المشاركات العلمية يزداد عاما بعد عام، فضلا عن تميزها في الأعوام السابقة. وأكد على أن هذا المؤتمر غرس في نفوس طلاب الطب في دول مجلس التعاون الخليجي ثقافة المنافسة العالمية، وحب البحث والتنافس. وأختتم الغافري كلمة اللجنة المنظمة بإشارته إلى تزامن فترة هذا المؤتمر مع احتفالات الجامعة باليوبيل الفضي ومرور خمسة وعشرين عاما على تأسيسها، رافعا إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه - رسالة شكر وامتنان على رعايته الكريمة واهتمامه البالغ بمسيرة التعليم والبناء.

جدير بالذكر أن حفل الافتتاح هذه المرة قد اشتمل على ظهور شخصية تاريخية لها أثرها في عالم الطب، وتمثلت في شخصية "ابن سينا"، صاحب كتاب "القانون في الطب". وقد أثارت هذه الشخصية حوارات وتساؤلات هادفة وممتعة حول العديد من القضايا الطبية في إطار شعري حواري مع مجموعة من الشخصيات التي تمثل واقع المجال الطبي الحالي بأوجهه المختلفة. واختتمت فعاليات حفل الافتتاح بعرض مصور بعنوان "هكذا علمني الطب"، استعرض فيه أهم المواقف الإنسانية التي يمارسها الطبيب في حياته المهنية.

بعد انتهاء حفل الافتتاح توجه معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة لافتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر، وقد حضر الحفل عدد من عمداء كليات الطب من مختلف دول الخليج العربي، بالإضافة إلى الوفود الرسمية المشاركة في المؤتمر العلمي، وقرابة 500 طالب وطالبة من مختلف الجامعات.

وضم المعرض - الذي استمر لمدة اربعة أيام - ركنا خاصا لعرض البحوث العلمية التي أنجزها الطلاب المشاركون في المؤتمر والبالغ عددها 86 بحثا. وقد خصصت اللجنة التنظيمة ركنا خاصا لكل جامعة مشاركة في المؤتمر، بحيث تسنى لها عرض أنشطتها المتعددة في مختلف المجالات. وقد ذكرت الطالبة فاطمة سبت من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس رئيسة اللجنة المنظمة لمعرض الأنشطة الطلابية في حديثها حول المعرض: "إن هذا المعرض هو فرصة لجميع المشاركين لعرض فعالياتهم الطبية، إضافة إلى وجود قسم للأبحاث العلمية، والتي تُمكّن المشاركين من تبادل خبراتهم البحثية في مختلف المجالات الطبية". وأضافت فاطمة أنه سيتم تكريم أصحاب البحوث الفائزة في ختام المؤتمر". وقد حظيت افتتاحية المعرض بإشادة كبيرة من قبل الحضور الذي استحسن فكرة المعرض، والجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة المنظمة لإظهاره بالشكل اللائق.

ثم ألقت البروفيسورة زكية اللمكية، الرائدة في مجال صحة الطفل بمستشفى جامعة السلطان قابوس، محاضرة تحدثت فيها عن تطور الخدمات الصحية في سلطنة عمان، وعقدت مقارنة بين الماضي والحاضر، حيث سلطت الضوء على المستوى المتدني للخدمات الصحية للطفل قبل النهضة المباركة. ثم استعرضت مراحل تطور الرعاية الصحية للطفل في السلطنة بعد تولي حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم في البلاد إلى يومنا هذا. واختتمت الدكتورة محاضرتها قائلة: "إن إنجازات السلطنة في مجال صحة الطفل تُعد مثالاً يُحتذى به، حيث أشاد المجتمع الدولي بهذه الإنجازات، وعلى رأسها منظمة اليونيسيف في تقريرها حول "سير العمل الوطني" عام 1997، وكذلك تقرير التنمية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة".

ولأجل أن يتعرف زائرو المؤتمر الطبي الثامن على هذه المعالم التاريخية في محافظة مسقط، قامت لجنة البرامج الترفيهية بتنظيم رحلة إلى ولايتي مسقط ومطرح ضمّت خلالها العديد من الفعّاليات. وفي هذا الشأن قال الطالب زكريا الريامي من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس نائب رئيس لجنة البرامج الترفيهية في المؤتمر عن هذه الرحلة: "نظرا لما تتمتع به محافظة مسقط من تنوع جغرافي ومعماري، بالإضافة لاختيار مسقط عاصمةً للسياحة العربية لهذا العام، كان تنظيم رحلة للمشاركين إلى ولايتي مسقط ومطرح أحد فعاليات برنامجنا الترفيهي. وتشتمل الرحلة على زيارة لقصر العلم العامر، وسوق مطرح الذي يتميز بفن معماري أثري نادر".

أما اليوم الثاني من المؤتمر فقد ابتدأ بمحاضرة للبروفيسور عبدالله دار، البروفيسور في علوم الصحة العامة والجراحة في جامعة تورنتو، وقد شغل سابقا منصب رئيس قسم الجراحة في جامعة السلطان قابوس، الجدير بالذكر أن البروفيسور عبدالله دار قاد عملية زرع للكلى في المستشفى السلطاني لطفل صغير في السن، والتي سُجلت ضمن الأرقام القياسية لعمليات زراعة الأعضاء في السلطنة. وقد تحدث البروفيسور عن موضوع الفوارق في الخدمات الصحية بين مختلف دول العالم. ويُعد هذا الموضوع من المواضيع الهامة والتي يتم بحثها في مختلف المحافل الدولية، وذكر البروفيسور عبدالله دار في حديثه بأن متوسط العمر المتوقع في الدول المتقدمة يقدر بـ 80 عاما بينما يصل لنصف هذا العمر في الدول النامية. بالإضافة إلى ذلك، وأشار إلى أن عدد الأطفال المتوفّين في الدول النامية جراء أمراض الملاريا والإسهال تقدر بثمانية ملايين طفل. وأشاد في ختام حديثه بالجهود التي يبذلها زملاؤه المختصصون في التقليل من هذه الأرقام والتي تعد وبالاً على الصحة العامة.

ثم تحدث البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر من مملكة البحرين، البروفيسور في طب الأسرة والمجتمع ورئيس قسم صحة الأسرة والمجتمع بجامعة الخليج في مملكة البحرين. وذكر في مستهل حديثه بأن هذا المرض يُعد من الأمراض الشائعة في مختلف الدول وبالخصوص المجتمعات الخليجية، كما يصنف مرض ارتفاع ضغط الدم كثالث مرض مميت في العالم. جدير بالذكر أن مرض ارتفاع ضغط الدم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وذلك عن طريق تعديل نمط الحياة وزيادة ممارسة الرياضة. وأكد البروفيسور" أن تقليل الضغط الإنبساطي بمقدار 5-6 مليمتر زئبقي عن طريق تعديل نمط الحياة وزيادة ممارسة الرياضة كفيل بتقليل نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية بمقدار 40%".



من جانبٍ آخر قدم الدكتور مروان الشربتي وابنته الدكتورة زينة الشربتي من قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس حلقة عمل تُعنى بتشخيص مرض التوحد لدى الأطفال، وقد تضمنت تعريف المشاركين بهذا المرض السلوكي لدى الأطفال، وعرض علاماته وأعراضه السريريّة، إضافة لطرق تقييم ومتابعة حالات التوحد، ومناقشة الإرشادات العالميّة في كيفية التعامل مع الأطفال المتوحدين. هذا وتجدر الإشارة أن مرض التوحد يعتبر اضطرابا دماغيّا، تظهر آثاره في صعوبة تواصل الطفل المصاب مع الآخرين، وتكوين علاقات وروابط مع العالم الخارجي المحيط به، وتبلغ نسبة الأطفال المصابين بالتوحد حوالي 6 لكل ألف طفل.

وقد تضمنت فعاليات البرنامج الترفيهي في اليوم الثاني من المؤتمر، رحلات بحرية على متن العبارتين شناص وهرمز التابعتين للشركة الوطنية للعبارات، والتي أخذت المشاركين في رحلة بمُحاذاة سواحل مسقط، تمتعوا فيها بالمناظر الخلّابة لكورنيش مسقط، وقد تحدث الطالب أحمد بن أشرف نعيم من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس رئيس لجنة البرامج الترفيهية عن هذه الرحلة حيث قال: "كان هدفنا من خلال هذه الرحلة أن يتعرف المشاركون في المؤتمر على المظاهر الجمالية لسواحل مسقط، فالكورنيش يزدان بأضواء المحلات التجارية التي ترسم لوحة ذات ألوان خلابة على صفحة المياه الصافية لسواحل مسقط".

بدأ اليوم الثالث من المؤتمر بكلمة للمحاضرة "ناتالي لافيرتي"، المتخصصة في التعليم الإلكتروني من كلية ديندي الطبية بدولة اسكوتلندا، وقد تحدثت عن التطور التكنولوجي في العالم، وطريقة الاستفادة منه في إيصال العلوم الطبية إلى الطلاب، وأشارت إلى أن العديد من طلاب الطب والأساتذة لا يستخدمون التكنولوجيا في المجالات الطبية، مؤكدة على ضرورة استخدامها في الجامعات والكليات، خصوصا الكليات المتخصصة في العلوم الصحية والطبية.

من جانب آخر، ألقى البروفيسور "شون ماكان" استشاري في علم الدم - ومؤلف لأكثر من 150 دراسة طبية وعدد من الكتب - محاضرة عن مرض اللوكيميا المزمن المتعلق بالنخاع الشوكي، مستهلا حديثه بالطفرات الجينية المسببة لهذا المرض. وفي ختام حديثه تطرق إلى التكاليف الباهضة لعلاج هذا المرض، حيث أن علاج شخص واحد يقدر بحوالي 30.000 يورو في العام (حوالي 40000 دولار).

وفيما يتعلق بورشات العمل فقد قدم الدكتور عمر التميمي، رئيس قسم العلاج الطبيعي بمستشفى جامعة السلطان قابوس حلقة عمل بعنوان "الإصابات الرياضية"، تحدث فيها عن الإصابات الشائعة بين الرياضيين وطرق تشخيصها ومعالجتها، مؤكدا على ضرورة معرفة الطبيب بكيفية تشخيص الإصابة بصورة سريعة وصحيحة. تلا ذلك تطبيق عملي لما تم شرحه، حيث طبق الطلاب أساليب فحص المصاب وكيفية تقدير حجم الإصابة وطرق علاجها.

ولانتشار مرض فقر الدم، قدمت اللجنة المنظمة بالتعاون مع الدكتور خليل الفارسي استشاري أمراض الدم، حلقة عمل تتحدث عن أنواع فقر الدم وكيفية تشخيص المريض وتحديد نوع فقر الدم الذي يحمله. وتطرق الدكتور خليل الفارسي إلى بعض الأعراض التي تظهر على الذين يعانون من فقر الدم بأنواعه المختلفة، مختتما حلقة العمل بتطبيق عملي، حيث عرض فيه بعضا من الحالات التي تعاني من فقر الدم، وناقشها مع الحضور. الجدير بالذكر أن اللجنة المنظمة كانت قد أعدت أكثر من 50 ورشة عمل لجميع المشاركين في المؤتمر على مدار يومين.



في نهاية اليوم العلمي كان للمشاركين رحلة إلى مهرجان مسقط، حيث اختارت اللجنة المنظمة للمؤتمر مهرجان مسقط ليكون وجهة سياحية للمشاركين في المؤتمر، وقد قال الطالب عمر البوسعيدي من كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس نائب رئيس لجنة البرنامج الترفيهي عن اختيارهم لمهرجان مسقط: "كان الغرض الأساسي من تنظيم هذا البرنامج الترفيهي، هو الحرص على تعريف المشاركين بالخصائص السياحية الجذابة في السلطنة. ومن هنا برزت فكرة إضافة مهرجان مسقط في نسخته الحالية إلى برنامجنا الترفيهي، وذلك لما يتمتع به المهرجان من فعاليات جاذبة للسياح من مختلف الجنسيات. ولأن حديقة القرم الطبيعية تعد المركز الرئيس لفعاليات المهرجات؛ اخترناها كوجهة رئيسية للمشاركين في المؤتمر".



بالإضافة إلى ذلك، قامت مجموعة أخرى بالمشاركة في فعاليات "اليوم الرياضي" والتي نظمتها جماعة الرياضة والصحة التابعة لكلية الطب والعلوم الصحية. وهو أحد برامج اللجنة الترفيهية التي أعدتها اللجنة المنظمة للمشاركين في المؤتمر. وقد أقيم في المجمعين الرياضيين بجامعة السلطان قابوس للذكوروللإناث. حيث تنوعت الفعاليات بين مسابقات في كرة القدم، وأخرى في كرة السلة، وكرة اليد. وشهد ختام اليوم الرياضي مسابقات عِدة و"سحب" على جهازين "IPad 2"، وغيرها من الجوائز. الجدير بالذكر أن المشاركين في المؤتمر أبدوا إعجابهم بالتنظيم الجيد لفعاليات المؤتمر، وحسن اختيار الفعاليات المناسبة لثقافة الطلاب.

أما اليوم الرابع من المؤتمر فقد ابتدأ بمحاضرة للبروفيسور عبدالناصر كعدان، استشاري جراحة العظام، ورئيس قسم تاريخ الطب في جامعة حلب بسوريا، حيث تحدث عن إنجازات العلماء العرب في مجال الطب وما حدث من تزوير للحقائق، ونسبتها إلى علماء الغرب. وأكد البروفيسور كعدان على أن بعض ما ينسب إلى علماء الغرب من إنجازات، كان لعلماء العرب بصمة فيها مثل مرض كيسة بيكر (الكيسة المأبضية) والتي تكون عادة خلف مفصل الركبة، حيث أشار إليها العالم العربي أبوبكر الرازي ولكنها نُسبت إلى الجراح الإنجليزي ويليام بيكر. ثم تحدث البروفيسور جيوفاني روميو، البروفيسور في علم الجينات، ورئيس مؤسسة علم الوراثة الأوروبية، عن زواج الأقارب والدراسات الجينية. وقام بتوضيح الفروق بين الطفرات الوراثية الناتجة من زواج الأقارب، وتلك التي تحدث بسبب عوامل أخرى لا ترتبط بزواج الأقارب.

كانت اللجنة المنظمة للمؤتمر قد أعدت مفاجأة للمشاركين ببرنامج "Muscateers"، حيث تحدث أربعة من المشاركين حول مواضيع تخص طلاب الطب من مختلف دول العالم، بدأ البرنامج بحديث للطالب عثمان مشتاق من دولة النرويج حول التغير المناخي في العالم وما يصاحبه من أضرار على الأرض. من جانب آخر، تحدثت الطالبة الريم الهنائي من سلطنة عمان حول موضوع الإنسانية في المجال الطبي. ثم تحدثت الطالبة بويس من كندا حول موضوع الأمراض الغير معدية وكيفية التعامل معها، وأخيرا، تحدثت هند عبدالمجيد من المملكة العربية السعودية عن الثقافة الجنسية.

واختتم اليوم الرابع بـ "حفل العشاء الختامي" بحضور نخبة من عمداء الكليات وجمع من الهيئات الأكاديمية والإدارية وجميع المشاركين في المؤتمر من مختلف الجامعات والكليات من الدول الشقيقة والصديقة، بالإضافة إلى عدد من المتحدثين الرسميين في المؤتمر. تضمّن الحفل برنامج ترفيهي على خشبة المسرح المفتوح بجامعة السلطان قابوس ومسرحية بعنوان "رحلة الألف ميل" قدمتها جماعة المسرح التابعة لجامعة السلطان قابوس، امتزج فيها إبداع التمثيل بروعة الكلمات وتناغم الأضواء في مشاهد فكاهية رائعة. وقد لاقت تلك العروض استحسان وتفاعل الجمهور، حيث تعالت الأصوات والصيحات معبرةً عن الرضا والسرور، بالإضافة إلى مأدبة عشاء في الساحة الأمامية لمركز جامعة السلطان قابوس الثقافي، حيث قدمت بعض الفرق الشعبية فنونا عمانية أصيلة كفن البرعة، وفناً من الفنون البحرية، وآخر من الفنون الحربية، ولم يخلُ الحفل من وجود حرفيين عمانيين أبهروا الحضور بتقانة صنعتهم وجودة منتجهم.

في الإطار نفسه شهد اليوم الأخير من المؤتمر تقديم محاضرتين، حيث قدم البروفيسور شون ماكان محاضرة حول تجربة إيرلندا في التعليم الطبي، والبرامج والآليات المتبعة للتعليم الطبي. بعدها قدم المكرم الشيخ خلفان العيسري عضو مجلس الدولة محاضرة حول تنظيم الوقت وإدارته واستثماره لبلوغ أقصى درجات الإنتاج، وكيف يمكن للطالب تنظيم وقته بين الدراسة والبحث العلمي، والراحة، وتناول العيسري خلال المحاضرة أساليب وطرق يقوم بها الطالب من أجل تنظيم وقته وزيادة الانتاج العلمي وزيادة التركيز الذهني في البحث العلمي.

اختتم المؤتمر العلمي العالمي الثامن لطلبة الطب بدول مجلس التعاون الخليجي، تحت رعاية الدكتور حمد بن سليمان السالمي نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية والمالية، حيث اشتمل حفل الختام على عدة عروض مصورة وفقرة إنشادية، كما تم تقديم أوبريت بعنوان "عندما يغفو الدواء" تحدث فيه عن الأخطاء الطبية وطرق وأساليب التعامل معها.


         
تبعاً لذلك تم إعلان البحوث والملصقات الفائزة في المؤتمر. ففي الملخصات البحثية حصلت الطالبة رباب الشهراني من جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية على المركز الاول، وقد تناول بحثها موضوع رضا المرضى بالخدمات الصحية في قسم الطوارئ المقدمة في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية. الجدير بالذكر أن هذه الدراسة شملت حوالي 300 شخص زاروا قسم الطوارئ خلال الثلاثة أشهر الماضية، وقد جاءت نسبة الرضا بالخدمات المقدمة حوالي 40% من مجمل المرضى.
         
وفي مجال العروض والملصقات الحائطية حققت الطالبة ياسمين شفيق من جامعة الملك عبد العزيز من المملكة العربية السعودية على المركز الاول. حيث درست تأثير المواد الموجودة في "القرفة" على الخلايا السرطانية، ومدى تأثيرها كمادة مانعة لتحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية.
         
وفي العروض الشفوية حصل الطالب أيمن محمد من جامعة الفيصل من المملكة العربية السعودية على المركز الأول. تناول في دراسته بعضا من المشاكل التي يعاني منها طلاب الطب في بداية مشوارهم الدراسي. حيث قام عدد من طلاب جامعة الفيصل بإعداد مشروع يهدف إلى تهيئة الطلاب المستجدين بكلية الطب بالجامعة. وقد شملت الدراسة 14 شخصا من الطلاب المستجدين بالكلية، حيث خلصت النتيجة إلى أن 90% من هؤلاء قد أشاروا إلى استفادتهم من مثل هذه البرامج التوعوية في مواضيع مثل فهم أساسيات الطب، ومواضيع الربط والترابط بين المواد الدراسية بالإضافة إلى المصطلحات الطبية.
         
أما فيما يخص الجامعات المشاركة بركن في المعرض المصاحب للمؤتمر حققت جامعة الملك سعود من المملكة العربية السعودية على المركز الأول، جاءت بعدها جامعة جازان من المملكة العربية السعودية في المركز الثاني، كما حققت جامعة الخليج العربي من مملكة البحرين على المركز الثالث. بعدها قام راعي الحفل بتكريم المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر وكذلك رؤساء وفود الجامعات المشاركة.
         
ولقد عبر المشاركون عن أهمية إقامة مثل هذه المؤتمرات حيث قالت الطالبة أماني العبدولي من جامعة الإمارات العربية المتحدة:" إن مثل هذه المؤتمرات توفر المجال للطلبة لعرض بحوثهم في المجالات الطبية، بالإضافة إلى أنها تعزز الثقة والإرادة في الطالب". وأشارت إلى أن مثل هذه المؤتمرات تساعد على مواكبة التطور السريع الحاصل في المجال الطبي. كما أشار الطالب ياسر الشايع من جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية إلى أهمية اكتساب الخبرة في مثل هذه المؤتمرات فقال:" تساعد هذه المؤتمرات على زيادة المخزون العلمي من خلال معرفة ما توصل إليه أشقاؤنا من دول الخليج في مجال الدراسات البحثية، وتساعد كذلك على اكتساب الخبرات من نخبة كبيرة من الأطباء في ورش العمل، بالإضافة إلى أنها تعرفنا على الثقافات والعادات والتقاليد في البلد المستضيف".       

وأشار الطالب عبدالله بن علي اللواتي من جامعة السلطان قابوس عن فوائد مثل هذه المؤتمرات مؤكدا على أنها تُخرج الطالب من الروتين الاعتيادي للدراسة فقال:" تنظيم المؤتمرات من خلال الكوادر الطلابية له فوائد عديدة، ابتداءً بالخروج من الروتين المعتاد للحياة الدراسية، مروراً بالاحتكاك بمتطلبات الحياة العملية في مختلف مجالات الحياة، إضافة إلى صقل المواهب القيادية، والإدارية، والفنية والاجتماعية". وأضاف:" إن الطالب الخليجي بحاجة إلى مزيد من الاحتكاك بالجامعات الأخرى والمؤسسات الخارجية لكي تكسبه مزيدا من الخبرة والاطلاع على الأنظمة الدراسية أو الحياة العملية خارج نطاق دولته أو إقليمه وما يؤديه ذلك إلى صقل شخصيته كعامل مهم في مجال دراسته أثناء أو بعد دراسته، وهذه إحدى ميزات المؤتمرات الطلابية".

وأشار الطالب محمد بن سليمان الغافري رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر في مقابلة معه إلى أهمية إقامة مثل هذه المؤتمرات الطلابية حيث قال: " إن تنظيم مثل هذه المؤتمرات يعود بالنفع والفائدة على جميع الطلاب وبالأخص طلاب الجامعة المستضيفة، فتنظيم مثل هذه الفعاليات يفتح آفاقا كثيرة للطالب ويصقل مواهبه وقدراته، ليس الجانب العلمي فحسب، بل يتعداه ليشمل كافة المجالات الحيوية التي تصنع طالبا ناجحا يساهم في خدمة بلده ومجتمعه، فالغاية الأسمى من هذا المؤتمر هي بناء جسر من التواصل المعرفي والعلمي والثقافي والاجتماعي بين طلاب الطب في المنطقة".

وفي حديثه عن دور جامعة السلطان قابوس في دعم مثل هذه المؤتمرات ذكر الغافري: "استضافة الجامعة لهذه التظاهرة العلمية التي شارك فيها ما يزيد عن 1200 طالب وطالبة، يمثلون أكثر من 40 جامعة خليجية وعالمية لهو أفضل مثال على الدعم اللامحدود الذي تقدمه الجامعة لخدمة النشاطات العلمية والثقافية في المنطقة. كما أن استضافة هذا الحدث العلمي للمرة الثانية في الجامعة يُعتبر خير دليل على تميز الجامعة في استضافة هذه المؤتمرات".

وفي ما يتعلق بالتحديات والإيجابيات التي تميز بها المؤتمر، أشار إلى أن عدد المشاركين كان هو العقبة الأبرز التي واجهتها اللجنة المنظمة فقال: "أثناء تنظيم أي فعالية لا بد من وجود بعض التحديات والعقبات، وربما كان عدد المشاركين في المؤتمر هو التحدي الأكبر الذي واجهناه، لكن بفضل الله وعونه وبتكاتف جهود إدارة الجامعة وإدارة كلية الطب والعلوم الصحية تجاوزنا هذا التحدي بكل سهولة ويسر. أما عن السمة المميزة لهذا المؤتمر فهي التفاعل السريع بين المشاركين واندماجهم مع بعضهم البعض، فأصبح المشاركون في المؤتمر أسرة كبيرة خلال فترة زمنية قياسية، وهو ما أعطى المؤتمر نكهة خاصة".

واختتم محمد الغافري اللقاء بتوجيه رسالة شكر إلى من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر فقال: "يسعدني أن أنتهز هذه الفرصة لأبعث رسالة شكر إلى كل من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر، وأخص بالذكر أعضاء اللجنة الرئيسية و اللجان الفرعية في المؤتمر، وكذلك كل المشاركين والمنظمين في المؤتمر، راجيا للجميع دوام التوفيق لخدمة هذا الوطن الغالي".

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر يعنقد سنويا في إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، وقد انعقد في دورته الأولى في مملكة البحرين عام 2003م.












رضا بن عيسى اللواتي
كلية الطب والعلوم الصحية
جامعة السلطان قابوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق