2014/10/23

الدروس الخصوصية.. ضررها أكبر من نفعها «2-2»

الدروس الخصوصية.. ضررها أكبر من نفعها «2-2»

بعد أن بحثنا في أسباب ظاهرة الدروس الخصوصية، فمن المهم أيضا أن نبحث عن سلبيات تفشي هذه الظاهرة وآثارها على المجتمع العماني، فالواضح أن هذه الظاهرة تترك بصمات سلبية على أطراف عدة في المجتمع وهي الطالب والمعلم والمجتمع. فنلاحظ أنه عندما يستعين الطالب بالمدرس الخصوصي فإن اعتماده على النشاط الفصلي يتضاءل تدريجيا وقد ينعدم أحيانا، فتقل إنتاجيته في الصف الدراسي، وبالتالي تقل نسبة مشاركته في النشاط الصفي بل تكاد تنعدم مشاركته في الأنشطة المدرسية جميعها، الأمر الذي ينعكس سلبا على أداء المعلم الذي لا يجد في الفصل من يتجاوب معه ويهتم بما يقول وهذا بدوره ينعكس على بقية الطلاب الذين يتوقعون من المعلم عطاءً متزايدا يشبع إحتياجاتهم.
ولو علمنا ان أغلب من يعطون الدروس الخصوصية يركزون على تلقين المنهج للطالب، بل إن بعضهم يلقنهم أجوبة امتحانات الأعوام السابقة لعل وعسى أن تقع بعضها في اختبار العام الحالي، لذلك فإن الدروس الخصوصية وبالطريقة التي تعطى لا تتعدى عن كونها عملية تلقين الطالب للمنهج أو أسئلة الاختبارات، وهذه العملية تعتمد في مجملها على الحفظ فقط، دون الاهتمام بصقل شخصية الطالب وتكوينها، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على أداء الطالب في مرحلة الدراسة الجامعية، لأن الدراسة الجامعية كما هو معروف لا تعتمد على مبدأ التلقين والحفظ، بل على القراءة والبحث والاستقصاء، ناهيك أن هذا الأسلوب يتعارض أيضا مع واحد من الأهداف الأساسية والرئيسية للمدرسة، ألا وهو صقل مهارات الطالب وتعليمه مبدأ الاعتماد على الذات في الحصول على المعلومة، وهذا ما لا يتحقق بسبب الدروس الخصوصية.
ومع تزايد عدد الطلاب الذين يتعاطون الدروس الخصوصية تصبح حاجتهم إلى المدرسة غير ضرورية، ربما لإثبات الحضور ليس إلا، وبالتالي تتناقص علاقتهم بها، بل ربما تنعدم، بل إن غياب بعضهم يصبح أفضل من حضورهم بحيث تتوتر علاقاتهم مع معلميهم، وإذا حضروا يثيرون الفوضى في الفصل الدراسي ولا يبدون أي جدية في الدراسة، الأمر الذي يؤثر سلبا وبشكل كبير على بقية الطلاب ممن يعتمدون بشكل كلي على المدرس في تحصيلهم العلمي.
بالإضافة إلى ذلك فإن لهذه الدروس الخصوصية تأثيرا سلبيا على أولياء الأمور أيضا، حيث إنها تشكل لهم عبئا ماديا واجتماعيا. فمن جهة فهي تستنزف أموالهم التي قد يكونون بحاجة إليها لمآرب أخرى، ومن جهة ثانية تشكل مضيعة كبيرة للوقت، حيث يضطر أولياء الأمور لتغيير برامجهم ومواعيدهم اليومية لإيصال أبنائهم إلى بيوت المدرسين، وهو ما يترتب عليه إلغاء بعض ارتباطاتهم العائلية وقد تكون مهمة وضرورية.
أخيرا فقد آن الأوان لكي ندق ناقوس الخطر بعد أن أصبحت ظاهرة الدروس الخصوصية سلعة تجارية بحتة، فبعد أن كانت الحصة الواحدة مقابل 10 ريالات، أصبحت الأن مقابل 15 – 20 ريالا للحصة الواحدة، وهي في زيادة مستمرة كل عام. كذلك فبعد أن كان عدد الطلاب المشاركين في الحصة الواحدة لا يتجاوز 4-5 طلاب في المجمل، أصبح عاديا بأن يقبل المعلم مشاركة 7-8 طلاب في المتوسط وربما أكثر من ذلك، علما بأن بعض المعلمين يستمرون في عملهم الخاص هذا إلى ساعات متأخرة من الليل.
وفي الحقيقة ليست هذه كل أضرار الدروس الخصوصية وسلبياتها، ولكن عرضنا الأكثر تأثيرا على الطالب، والمعلم في المدرسة، وأولياء الأمور، لذلك كان لابد من إيجاد حلول لهذه الظاهرة السلبية التي انتشرت بشدة في مجتمعنا العمانية ولا تقتصر عليه وإنما تعاني منها معظم الدول العربية أيضا.
وعليه فإنه من الأهمية بمكان وضع خطة طويلة الأمد لمعالجة هذه الظاهرة يمكن إيجازها في النقاط التالية:
– إعادة صياغة المناهج التعليمية بحيث تتناسب مع الزمن الدراسي في العام الواحد، وتتناسب أيضا مع التطور الحضاري والعلمي والتكنولوجي باستخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية. ولا بد من أن تكون المقررات أكثر تشويقا وأبسط في الشرح حتى يكون في وسع ولي الأمر أو أي فرد من أفراد الأسرة مساعدة الطالب في فهم ما قد يكون فاته في المدرسة، إذ إن أسلوب الشرح الموجود في الكتب الحالية للمقررات لا يختلف كثيرا عن اللوغاريثمات التي يحتاج أولياء الأمر لمن يشرحها لهم أولا.
– العامل الآخر هو اعتماد أسلوب التقييم المستمر، وزيادة نسبة الدرجات الفصلية مقارنة بالإمتحانات النهائية، وبالتالي يكون الطالب ملزما بالحضور والمشاركة والاهتمام بالحصص الدراسية طوال السنة الدراسية، كما أن هذا التغيير سوف يساهم في زيادة الحافز لدى المعلم للاهتمام بالحصة الدراسية وزيادة الأنشطة الصفية فيها أيضا.
– العامل الثالث والأخير هو تطوير قدرات المعلمين ممن يحتاجون إلى ذلك، وتهيئة الظروف اللازمة لهم لتطوير أنفسهم والاستعانة بالطرق الحديثة لمواكبة العصر فيما توصل إليه من أساليب وطرق التدريس من خلال إقامة ورش تدريبية بين الحين والآخر، وإرسال هؤلاء المعلمين في دورات تدريبية في بعض الدول المتقدمة علميا وإطلاعهم على آخر ما توصلت إليه هذه الدول من تطورات في العملية التعليمية، ومن ثم تطبيقها في مدارسنا.
– أخيرا، فإن التوعية والتوجيه تلعب دورا مهما في هذا السياق، توعية المعلم في المدرسة، والطالب وولي الأمر، بأهمية الالتزام بالحصة الدراسية، وفائدتها، والتركيز على أنها الأساس في العملية التعليمية.
ختاما، لا بد من بذل كافة الجهود لوقف تنامي ظاهرة الدروس الخصوصية قبل أن يتسع الشرخ الذي أوجدته بين الطالب والمدرسة من جهة، وولي الأمر والمدرسة من جهة أخرى، وسوف تكون له عواقب وخيمة لو تم التراخي في إيقاف تنامي هذه الظاهرة السلبية التي باتت تنتشر بشدة في مجتمعنا العماني، ولابد من وقفة جادة ومسؤولة من قبل الجميع من أجل العودة إلى أن تكون المدرسة هي الأساس في العملية التعليمية والتربوية.

نشرت في ملحق مرايا التابع لجريدة عمان بتاريخ 23/10/2014م.

2014/10/22

الملكي والبلوغرانا .. كلاسيكو مبكر للغاية

الملكي والبلوغرانا .. كلاسيكو مبكر للغاية


لم يتبق الكثير من الوقت على بداية المعمعة الكروية بين قطبي الكرة الإسبانية، ممثل العاصمة مدريد الأبرز وممثل اقليم كاتلونيا الراغب في الانفصال الأقوى، هذا الكلاسيكو تجتمع فيه السياسة والاقتصاد مع كرة القدم، لتقدم لنا نكهة كروية مميزة للغاية. هذا اللقاء سوف يجمع بين أقوى خط هجوم في الليجا وربما في أوروبا مع أقوى دفاع في الليجا وربما في أوروبا أيضا.

ولكن قبل الدخول في تحليلات ما قبل المباراة، لابد من إحصائية سريعة عن مباريات الفريقين، مجموع المباريات الرسمية بين الفريقين 228 مباراة، فاز ريال مدريد في 91 مباراة، بينما تمكن برشلونة من التغلب على ريال مدريد في 88 مناسبة، وتعادل الفريقان في 48 مباراة. سجل الريال 385 هدفا في مجموع المباريات وتمكن برشلونة من تسجيل 371 مباراة.

لنبدأ مع ريال مدريد صاحب الضيافة والأرض، يدخل حامل لقب دوري أبطال أوروبا هذه المباراة بغيابات مؤثرة للغاية، جاريث بيل صاحب هدف الفوز في مسابقة كأس ملك إسبانيا الموسم الماضي، وربما سيرجيو راموس قلب الدفاع المؤثر للغاية، وغياب المبدع لوكا مودريتش سيكون له تأثير كبير على أداء ريال مدريد في المباراة. صحيح أن جاريث بيل لم يقدم الأداء المنتظر منه هذا الموسم على عكس الموسم الماضي، ولكن وجوده في المباراة له أثار إيجابية كثيرة، منها انهماك مدافعي برشلونة في مراقبته ومراقبة رونالدو بدلا من مراقبة رونالدو منفردا كما سيحدث في اللقاء القادم، بالإضافة إلى سرعته وقدرته على إحداث الفارق في لحظات، ولكن يبدو أن كارلو انشلوتي سوف يُعول على تألق خيميس رودريجز في المباريات الأخيرة.

غياب سيرجيو راموس سيكون له تأثير على مستوى دفاع النادي الملكي، خصوصا مع انهيار واضح لهذا الخط في المباريات الماضية، على الرغم من عدم تلقيهم للأهداف في المباريات الأخيرة ولكن رباعي خط دفاع ريال مدريد يعاني كثيرا، فعدم وجود لاعب خط وسط مدافع بقيمة تشابي الونسو الراحل إلى بايرن ميونخ، وعدم عودة قائد الفريق كاسياس إلى مستواه المعهود بالإضافة إلى عدم التزام الأظهرة بواجباتهم الدفاعية سوف يشكل مشكلة كبيرة في الكلاسيكو، ولكن ربما ستكون لكارلو انشلوتي كلمة عليا في الكلاسيكو.

أما المشكلة الأخيرة فهي تتمثل في غياب الكرواتي لوكا مودريتش، صاحب التمريرات الحاسمة والأهداف الصاروخية من خارج منطقة الجزاء، غياب مودريتش سيكون له تأثير كبير على خط وسط ومقدمة ريال مدريد، ومن المتوقع أن يشرك كارلو أنشلوتي إيسكو بدلا من لوكا مودريتش أو أياراميندي لسد هذه الثغرة ولكن كلاهما ليس في مستوى لوكا مودريتش. 

أما الضيف برشلونة، فهو يدخل هذه المباراة بمشكلة في خط دفاعه، ألا وهي عدم التفاهم بين قلبي الدفاع، هذه المشكلة لم تكن كبيرة للغاية في الدوري الإسباني، لأن الفريق الكتلوني لم يلعب ضد أندية قوية إلا ملقا القوي نسبيا، وقد قدم ملقا أداءً رائعا، وسبب مشاكل متنوعة للعمق الدفاعي في برشلونة. كما أن مباراة باريس سان جيرمان والتي خسرها برشلونة بنتيجة 3-2 أظهرت مواطن الخلل في العمق الدفاعي، ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى هذا الخلل هو استخدام لويس انريكي لأسلوب المداورة، فقد لعب مارك بارترا وجيرارد بيكيه وماتيو وخافيير ماسكيرانو في هذا المركز.

أما المشكلة الأخرى، والتي قد تؤثر على اختيارات المدرب لويس انريكي، فهي ما تناقلته وسائل الإعلام الإسبانية حول رفض ميسي الخروج من الملعب في المباراة الأخيرة أمام إيبار المغمور، وقد فسرته وسائل الإعلام بأنها بداية لمشاكل بين نجم الفريق الكتلوني ليونيل ميسي ومدرب الفريق الجديد لويس انريكي، الطريف في الأمر أنها ليست المرة الأولى التي يرفض فيها ميسي الخروج من أرضية الملعب للتبديل.

لربما يكون ما ذكرناه سابقا أبرز نقاط الضعف في الفريقين، ولكن ماذا عن نقاط القوة التي يمتلكها الفريقان؟. بداية بالضيف برشلونة، الإنسجام الواضح الذي أظهره ميسي مع نيمار خصوصا مع مركز ميسي الجديد كصانع العاب، ميسي يصنع ونيمار يسجل أو العكس، ومع وصول ميسي إلى الـ250 والـ21 هدف في مرمى ريال مدريد، فإنه يسعى إلى زيادة نصيبه من الأهداف وتحطيم رقم النجم الإسباني زارا بـ252 هدفا، وتسجيله أهدافا أخرى في مرمى إيكر كاسياس المتراجع المستوى. وكذلك نيمار البرازيلي، فإنه يسعى إلى سطوع نجمه أكثر وأكثر والحصول على مركز أساسي دائم مع برشلونة.

عودة لويس سواريز إلى المباريات بعد غياب طويل بسبب عقوبة الإتحاد الدولي الفيفا، سوف يكون لها تأثيرها الإيجابي على الفريق الكتلوني، ربما لن يلعب مباراة كاملة، ولكنه بالتأكيد سيكون له حصة ولو بسيطة في هذه المباراة ليسجل إسمه في أول مباراة رسمية مع برشلونة. أخيرا، فإن كلاوديو برافو الذي لم يتلقَ أي هدف طوال الـ8 مباريات الماضية، يسعى لأن يحافظ على نظافة شباكه أمام أقوى هجوم في الليجا الإسبانية، وأمام هدافها كرستيانو رونالدو، وسيكون تحديا خاصا جدا، حيث أن رونالدو سجل في مرمى برافو 9 أهداف في المواسم الأربعة الماضية.

أما ريال مدريد، فتألق رونالدو الواضح هذا الموسم، وتسجيله لـ15 هدفا في الليجا في مبارياتها الـ8، أي أكثر من 16 فريق في الليجا الإسبانية، وتألقه اللافت لأنظار الجميع، سيكون له تأثيره الإيجابي والكبير جدا، خصوصا وأنه سيكون أول لاعب يسجل على برشلونة في هذا الموسم. كما أن رونالدو يطمح إلى الحصول على الكرة الذهبية، وبالتالي فإن تسجيله في مباراة برشلونة مهم للغاية لرونالدو نفسه وللفريق المدريدي بشكل عام. كما أن خيميس رودريغز بدأ بالإنسجام مع الفريق المدريدي، وبدأ هداف كأس العالم بتسجيل الأهداف مع الريال وكذلك صناعة الفرص لزملاءه في الفريق، وقد يشكل رونالدو وخيميس ثنائيا رائعا مع مرور الأيام.

كاسياس سوف يحاول الحفاظ على نظافة شباكه، بعد الانتقادات التي وُجهت له منذ خروج اسبانيا خالية الوفاض من الدور الأول في كأس العالم، كما أن كاسياس استقبل العديد من الأهداف عندما يلعب أمام برشلونة وخصوصا من ليونيل ميسي. ولذلك فإن محافظة كاسياس على نظافة شباكه سيكون لها تأثير نفسي كبير عليه وعلى النادي الملكي أيضا.

المباراة مرتقبة من الملايين عاشقي الساحرة المستديرة، والجميع في انتظار ما ستؤول إليه المباراة، والصراعات الفردية بين اللاعبين على أرضية الملعب، فالكل يطمح إلى مشاهدة "كلاسيكو الأرض" وربما لأكثر من مرة في الموسم الواحد. لن نستبق الأحداث وسننتظر بداية المباراة لنستمتع بالمشاهدة والتحليل والتعليق.


نشرت في موقع حلل معنا

2014/10/19

قرعة دوري الأبطال الأوروبي .. حقيقة أم ثمثيل ؟؟ (مقالات سابقة بقلمي ..3) لم تنشر !!

ملاحظة: كتبت هذه المقالة قبل سنتين .. بتاريخ 17/3/2014 .. ولم أرسلها للنشر ..


قرعة دوري الأبطال الأوروبي
حقيقة أم ثمثيل ؟؟


قبل أن تُقام قرعة دوري الأبطال الأوروبي لتحديد الفرق المتنافسة في دور الـ8 من المسابقة، خرجت بعض الأقلام من هنا وهناك وبعض القنوات الفضائية قائلة أن قرعة دوري الأبطال الأوروبي التي تتم إقامتها بعد كل دور ما هي إلا تمثيل بحت، وأن القرعة الأصلية تجري في الخفاء بعيدا عن أعين المشاهدين وبعيدا عن عدسات الإعلام. وأما عن الأسباب فمن قال إن بلاتيني يريد أن يجعل برشلونة – فريقه المفضل – هو الذي يصل إلى اللقب، ومنهم من ذكر أن فلورينتنو بيريز قد اتفق مع بلاتيني على أن يكون طريق ريال مدريد هذا الموسم سالكا نحو اللقب العاشر. والبعض الآخر من المتابعين ذكر أن بلاتيني يريد أن يرى النادي الفرنسي باريس سان جيرمان حاملا للقب هذه البطولة. وكتبت الأقلام كثيرا حول هذا الموضوع.

هذا الموسم كانت الفرق المتأهلة إلى دور الـ 8 فرقا مختلفة عن الأعوام الماضية إذا ما استثنينا ريال مدريد، برشلونة وبايرن ميونخ وبنسبة قليلة يوفنتوس الإيطالي. ففريق جالاتسراي التركي، ملقا الإسباني، باريس سان جيرمان الفرنسي، دورتموند الألماني ربما تكون هذه مشاركتهم الأولى في دور الـ8 منذ أعوام وربما أحد هذه الأندية لم يصل حتى إلى دور المجموعات أبدا.

الأقلام التي كتبت حول هذا الموضوع رددت إسم بلاتيني رئيس الإتحاد الأوروبي اليويفا في كل شيء، حتى اعتقد الكثيرون أن بلاتيني هو من يجري القرعة، والكل قد تحدث عن بلاتيني وكأنه هو الرجل الأوحد عند إجراء القرعة. والجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث الجمهور وعشاق الساحرة المستديرة عن موضوع قرعة دوري الأبطال الأوروبي، فكثيرا ما تحدثوا عن هذه القرعة في السنوات الماضية، ولكنها كانت خالصة لبرشلونة، أي أن بلاتيني يريد لبرشلونة أن يتسلق إلى اللقب، لا بل أن يصل إلى اللقب بأسهل طريق ممكن وأقلها من ناحية العقبات والموانع.

أما بالنسبة لهذا الموسم، فإن إسم بلاتيني لا يزال يتردد، ولكن الفرق الذي يشجعه بلاتيني يتغير وفقا لكاتب الخبر أو صاحب البرنامج التلفزيوني، فمرة ريال مدريد ومرة اليوفي السيدة العجوز وأخرى برشلونة وربما باريس سان جيرمان. لست أدري هل من الممكن أن يفعل اليويفا هذا الشيء ويضيع سمعة الإتحاد الطيبة من أجل رغبات بلاتيني، وإن كان كذلك، لماذا لا تتقدم الأندية المتضررة بطلب بإعادة القرعة وأن يقيمها شخص آخر غير الذي تم تعيينه مسبقا.

كل شيء يجري أمام عدسات وكاميرات الإعلام بل وأعين الصحفيين، وأستبعد أن يجري شيء في الخفاء بمعزل عن كل الحضور من لاعبين ومدربين وصحفيين ورؤوساء أندية ومساعديهم. ولكن يبقى كل شيء واردا، والسؤال المطروح للمتابع الكريم: هل قرعة دوري الأبطال الأوروبي .. حقيقة أم تمثيل؟؟

رضا بن عيسى اللواتي 
مسقط – سلطنة عمان

2014/10/16

الدروس الخصوصية .. ضررها أكبر من نفعها (1/2)

الدروس الخصوصية .. ضررها أكبر من نفعها (1/2)


مع بداية كل عام دراسي جديد تعلن معظم الأسر حالة الطوارئ في منازلها، خصوصا تلكم الأسر التي ينتقل أبناؤها إلى الصف الثاني عشر أي امتحانات الدبلوم العام. وحيث إن حصاد هذه السنة الدراسية يحدد مصير الجهود التي يبذلها الطالب خلال الأحد عشر عاما التي تسبق هذا العام، يحبس أولياء الأمور أنفاسهم ويضعون أياديهم على صدورهم وهم يقضون هذا العام ما بين خوف وترقب وأمل وتفاؤل. ونظرا لمحدودية توفر الفرص الجيدة، وإن كان عددها في تزايد مستمر، وشدة المنافسة في ظل النسب العالية المطلوبة، يبتهل الجميع إلى الله سبحانه وتعالى لأن يكون ابنه أو ابنته من بين أولئك الذين سوف يوفقون في الحصول على فرصة الالتحاق بمؤسسة تعليمية مرموقة سواء في السلطنة أو خارجها. إلا أنه في الآونة الأخيرة برز تصرف غريب في الوسط الطلابي وأخذ يتنامى حتى أصبح يشكل ظاهرة يكاد أغلب الطلاب يتهافتون عليها، ألا وهي ظاهرة الدروس الخصوصية. هذه الظاهرة التي إلى جانب أنها تستنزف جيوب أولياء الأمور، فإن لها سلبيات أخرى كثيرة تكاد أن تلحق ضررا كبيرا بطبيعة النظام التعليمي في السلطنة.

الجدير بالذكر أن هذه الظاهرة لم تعد حكرا على الطلاب أصحاب المستوى المتوسط والمتدني، بل يلجأ إليها الطالب المُجيد أيضا، كما أنها عند البعض تغطي جميع المواد وبالأخص المواد العلمية. والحقيقة أن هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، ولكن خطورتها تكمن في أنها آخذة في الانتشار المخيف ليس بين طلاب مرحلة الدبلوم العام فحسب بل أخذت تغري طلاب المراحل الأخرى دون هذه المرحلة. وللحقيقة فإنني لا أُبرئ نفسي من ممارسة هذا السلوك، فقد كنت أحد الذين لجأوا للدروس الخصوصية استعدادا لاختبارات الدبلوم العام، إلا أنني حينها لم أنظر إلى الأمر من جميع جوانبه، وإنما لم يتجاوز أفق تفكيري نتائج الاختبارات التي كنت أصبو إليها. ولكن بعد أن أصبحت في وضع يسمح لي بالنظر إلى الموضوع من مختلف جوانبه تبادرت إلى ذهني تساؤلات عدة: ترى ما هي أسباب ومبررات هذه الظاهرة؟ وما هي أسباب تزايد أعداد الطلبة الذين يلجأون لها؟ وما هي آثارها على العلاقة بين الطالب والمدرسة وكذلك المعلم؟ وما هي آثارها الاجتماعية والمادية على الأسرة؟ وما السبيل إلى محاربة هذه الظاهرة؟.

لوحظ أن هناك عدة أسباب تدفع بالطالب إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية، فقد يكون السبب الرئيسي لذلك تدني مستوى الطالب في الفهم والاستيعاب والتحصيل لعوامل في ذاته أو ظروف أسرته أو بيئته، وقد يكون تدني مستوى المعلم وقدرته على توصيل المعلومة إلى الطالب سببا آخر لتفشي هذه الظاهرة. وتبدو هذه الأسباب مبررة إلى حد ما لكي يلجأ الطالب إلى الدروس الخصوصية، ولكن عندما تتحول هذه الحالة إلى ظاهرة ويلجأ إليها حتى الطلاب المجيدين، فإن الأمر يحتاح إلى مزيد من البحث والتمحيص، فقد تكون هناك عوامل أخرى تساهم في استفحال هذه الظاهرة.ولو رجعنا قليلا إلى الوراء، لوجدنا أن الجهات المعنية بنشاط التعليم في السلطنة كانت حتى وقت قريب تعتبر هذه الحالة غير قانونية وتحظر على المعلمين التورط فيها وتتوعدهم بأقصى العقوبات، لذا كانت العملية تتم بين المعلم والطالب بسرية تامة وكانت الحالات محدودة. ولكن يبدو الآن أن الجهات المعنية تغض الطرف عن هذا السلوك لحاجة في نفس يعقوب حتى تحولت إلى ظاهرة كما أسلفنا، لذا لا بد من إلقاء مزيد من الضوء على هذه الظاهرة، حيث كان الموضوع محل أخذ ورد بين المعلمين والطلاب والمسؤولين.

ففي حين يدافع الطلاب عن موقفهم قائلين إن المعلمين يحاولون إنهاء أجزاء كبيرة من المنهج في حصة واحدة، وبالتالي يمرون على محتوياته مرور الكرام ولا يسمح الوقت للطالب لمزيد من الاستيضاح والمشاركة، وبالتالي تنتهي الحصة فيما تبقى الاستفسارات التي لديه دون إجابة، فإذا لم يستعن الطالب بالمعلم الخصوصي فإن هذه التساؤلات سوف تتراكم مع مرور الأيام وتتحول إلى قنبلة موقوتة مع اقتراب موعد الامتحانات. أما المعلمون فلديهم أسبابهم لتبرير هذه الحالة، وإن كان بعضهم (وهم قلة) لا يشملهم هذا التبرير، حيث إن العلة فيهم من حيث السلوك والكفاءة والإخلاص.

ولو أمعنا النظر في المبررات التي يسوقونها لوجدنا أنها منطقية وتحتاج إلى حلول، فكثرة الإجازات في العام الدراسي تفرض على المدارس تقصير مدة الحصة الواحدة، ومع ارتفاع عدد الطلاب في الصف الواحد والذين تختلف قدرة الاستيعاب لديهم من طالب إلى آخر، لا تترك مجالا لمزيد من المناقشة والأخذ والعطاء بين الطالب والمعلم، لذلك فإن طول المنهج المقرر والذي على المعلم إنهاؤه كاملا تحت الظروف التي ذكرناها آنفا يزيد الطين بلة، فلا يبقى أمام المعلم سوى الإسراع والسباق مع الزمن لإنهاء المنهج، وفي كثير من الأحيان لا يبقى لديه وقت للمراجعة أو التدريب على حل أسئلة اختبارات السنوات السابقة.

أما المسؤولون عن التعليم فكان الله في عونهم، حيث يبدو أنهم في موقف لا ناقة لهم فيه ولا جمل، فليست عملية تعديل المناهج سهلة ولا السيطرة على تضخم الإجازات من صلاحياتهم. وبين هذا وذاك يجد الطالب نفسه لهذا السبب أو ذاك منقادا كالحمل الوديع إلى مقصلة الدروس الخصوصية، فيما ولي أمره يتبعه وهو يتحسس جيبه ليتأكد إذا ما  كان قد تبقى فيه قرش أبيض لليوم الأسود.


نشرت في ملحق مرايا التابع لجريدة عمان في عددها الصادر بتاريخ 16/10/2014
وسوف يصدر الجزء الثاني من المقالة في الاسبوع المقبل