2015/03/28

23 مارس.. طعم آخر



    23 مارس.. طعم آخر


    "السلطان قابوس يعود إلى مسقط بعد رحلة علاجية في جمهورية ألمانيا الاتحادية". هكذا عنونت معظم الصحف المحلية والعالمية صفحاتها الرئيسية، واحتفى واحتفل الجميع بعودة السلطان قابوس - حفظه الله - إلى أرض عُمان الطيبة. لم يكن أبناء عُمان الأوفياء هم الوحيدون الذين احتفلوا بعودة قائد مسيرة التنمية إلى أرض الوطن، بل كان الشعب العربي كله يحتفل معهم. فمن جدة والرياض في المملكة العربية السعودية، إلى أبوظبي ودبي في الإمارات العربية المتحدة، إلى أطفال غزة في فلسطين المحتلة، رفع الإخوة في الوطن العربي أعلام السلطنة وصور جلالة السلطان قابوس - أبقاه الله - عالية خفاقة. لا تسأل عن حال أبناء عمان الأوفياء حين علموا بقدوم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى أرض الوطن، فهم قد انتظروا ثمانية أشهر حتى يعود، وهذه المدة الطويلة قد تُنسي المرء أعز ما يملك، لكن الشعب العماني الوفي لم ولن ينسى من أعاد النور إلى عمان وأخرجها من الظلام.
    لقد كان يوم 23 مارس يومًا مميزًا بحق، فكما رددنا نشيد الولاء للسلطان والوطن في 23 يوليو "أبشري قابوس جاء" رددناه معًا بصوت واحد في 23 مارس، ومن لم يكن موجوداً قبل 45 عاماً، هاهو اليوم يشاهد ويتابع ما جرى في ذلك الوقت، وكأن الزمن يكرر نفسه، ولكن السلطان واحد والشعب واحد.
    لقد بدأت مسيرة النهضة المباركة منذ عام 1970م، وهي تسير إلى يومنا هذا، ولا يجب أن تتوقف أبدًا، وعلينا ألا نسمح للأيدي العابثة والمخربة بأن تعيش بين ظهرانينا، وما يحصل في دول الجوار خير شاهد على ما أقول، وقد قالها حكيم العرب - حفظه الله - سابقًا في العيد الوطني الـ24 المجيد: "إنّ التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العُمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبًا، ولا تقبل أبدا أن تلقى فيها بذور الفرقة والشقاق".
    الصغار والكبار، الرجال والنساء، الكل استقبل قائد البلاد المفدى - أيده الله -، والجميع شارك ولو بكلمة بسيطة في تحية القائد المفدى، ورفع أبناء عمان أكف الدعاء إلى الله - عزّ وجلّ - بأن يحفظ قائد هذه البلاد ويبقيه لعمان وشعب عمان.
    وكما كنّا نرددها صغارًا في المدرسة، سوف نرددها الآن وفي جميع الأيام: "وليدم مؤيدًا .. عاهلاً ممجدًا .. بالنفوس يفتدى".

    نشرت في جريدة الرؤية

    2015/03/23

    من أصداء معرض الكتاب

    من أصداء معرض الكتاب


    قبل مدة قليلة إنتهت أهم تظاهرة ثقافية في السلطنة، ألا وهي معرض مسقط الدولي للكتاب بدورته الـ20. هذا المعرض الذي يُعد عرسا ثقافية ضخما – إن صح التعبير – له من الأثر في نفوس القراء والكتاب الكثير، فالكل ينتظر هذا العرس الثقافي، والكل يستعد له قارئا كان أم كاتبا، أو حتى زائرا مطلعا. معرض هذا العام تميز بعدة جوانب، وكانت هناك بعض السلبيات التي سوف نستعرض بعضا منها في هذا المقال. ولكن قبل أن نبدأ، يجب أن نوجه من هذا المنبر الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاح فعاليات هذا المعرض، وإظهاره بهذه الصورة المشرفة. ونتمنى أن تستمر هذه الجهود الطيبة في الأعوام المقبلة، ليخرج لنا المعرض بحلة أبهى وصورة أجمل.

    من الأمور التي استحسنها الزوار هذا العام، هي الفعاليات الثقافية المتنوعة التي أقيمت على هامش المعرض، والتي لاقت ترحيبا من الطبقة المثقفة في السلطنة، بل ولاقت استحسانا واسعا من القراء أيضا. هذه الفعاليات من قبيل الندوات والحوارات التي أقيمت، تعطي انطباعا وتأثيرا إيجابيا لدى المتلقي، الذي يهمه أن يتعرف على مجريات الساحة الثقافية في السلطنة ومنطقة الخليج العربي. وقد استمتعنا واستفدنا في الوقت نفسه من تلكم المحاضرات والندوات الشيقة. وإنه لمن دواعي السرور أن نشاهد مثل هذه الفعاليات تقام في أيام المعرض، بل ونتمنى أن تُقام في أوقات أخرى من السنة، وأن لا تكون حكرا على المعرض فحسب.

    تنوع دور النشر الحاضرة وزيادة عددها عن الدورة الماضية يعطي إنطباعا إيجابيا عن المعرض، ويوحي بأن دور النشر في العالم تسعى إلى الحضور والتسابق في إبراز أحدث إصداراتها للطبقة القارئة والمثقفة في السلطنة. ولكن هنالك نقطة يجب ملاحظتها، وهي أن توقيت معرض مسقط الدولي للكتاب يتزامن مع معرض آخر في دولة شقيقة، وهذا الأمر يؤدي إلى أن العديد من دور النشر تحزم أمتعتها مبكرا لتذهب إلى هذا المعرض ربما لزيادة الإقبال على المعرض في تلكم الدولة، وهذا ما شاهدناه ولمحناه في أخر يومين من أيام المعرض، حيث ذكر لنا بعض البائعين في معرض مسقط، بأنهم استعدوا وأرسلوا ما تبقى من الكتب إلى معرض الدولة الشقيقة، فلم نجد لها أثرا عندنا. فيا حبذا لو تمت ملاحظة هذه النقطة من قبل القائمين على المعرض.

    وفي هذا الصدد رأينا دور النشر تحزم أمتعتها وتخلي معارضها في منتصف اليوم الأخير، وإذا ما سألناهم عن الكتب، قالوا بانهم قد أنهوا أعمالهم في مسقط وسوف يعودون أدراجهم، رغم وجود إعلانات دورية في اليوم الأخير عن السماح لدور النشر بحزم أمتعتها بعد انتهاء المعرض وإلى يومين أو ثلاثة ما بعد المعرض، مما أدى إلى قلة المعروضات في اليوم الأخير، الأمر الذي يتكرر كل عام تقريبا.

    هذا العرس الثقافي المميز يستقطب طبقة كبيرة من الزوار، وفي كل عام نلاحظ ازدياد عدد الحضور إلى هذا المعرض ولكن تبقى المشكلة نفسها قائمة في كل عام، ألا وهي شح المواقف وتعطل الزوار لفترة طويلة من أجل البحث عن موقف، ولكن نلاحظ هذه السنة بأن المواقف قد نقصت، ربما لتغيير أماكن القاعات.
    في هذا العام أيضا، رأينا زيادة مؤلفات الكُتاب العمانيين وهذا الأمر في حد ذاته إيجابي ومفيد للساحة الثقافية المحلية، ورأينا أيضا اهتماما بالمؤلفين الشباب، كما شاهدنا إصدارات صوتية وهي ظاهرة جديدة لم تكن في السابق، وهو تقدم إيجابي وتطور ملحوظ للساحة الثقافية العمانية.

    ختاما، فإن هذا العرس الثقافي، أهم تظاهرة ثقافية في السلطنة، ولذلك لابد من بذل الجهود الممكنة لتطويره وتنويع فعالياته أكثر من ذي قبل، بل ودعوة دور نشر أخرى وبالخصوص الأجنبية منها. ومن هذا الوقت إلى العام القادم، فإننا سنكون بانتظار الدورة الـ21 من المعرض، لتظهر لنا بصورة أفضل، وفعاليات أكثر، وتخطيط أجمل.


    د. رضا بن عيسى اللواتي
    مسقط – سلطنة عمان