2014/07/01

معا للاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية !!

معا للاستغلال الأمثل للإجازة الصيفية !!


أشهر ثلاث تقريبا ينتظرها كل عام مئات الطلاب ليقضوها بعيدا عن مقاعد الدراسة وعن الأوراق والأقلام والألوان. متحررين من الإلتزام بمواعيد الحضور والإنصراف، وذلك بعد تسعة أشهر تقريبا من العمل الجاد والدؤوب والمنافسة لتحقيق النجاح والتفوق وما يصاحب ذلك من جهد ذهني وضغوط نفسية وسباق مع الزمن. إذا هي إستراحة محارب أو أقرب من ذلك، إستراحة لأشهر ثلاث يرتاح فيها الطالب ويجدد نشاطه، لكي يبدأ عاما دراسيا آخر، يكون حافلا بالعلم والعطاء والجد والاجتهاد.

لا شك أن إجازة الصيف تختلف بدايتها من مرحلة دراسية إلى أخرى وكذلك مدتها، وقد يضحي البعض بهذه الإجازة أو جزء منها ملتحقا بفصل دراسي صيفي في هذه الكلية أو الجامعة أو تلك. وقد تكون للبعض آخر إجازة صيفية له كطالب يقضيها وهو يستعد لبدء مرحلة جديدة من حياته من خلال إلتحاقه بالعمل. هي إذاً إجازة أو بمعنى آخر وقت ثمين يُفترض أن يحسن المرء استغلاله.

وبفضل الله وبركاته يحل علينا شهر رمضان المبارك ضيفا غاليا وعزيرا يشمل بعبقه وروحانياته جزءا كبيرا من الإجازة الصيفية، ومن ثم يمنح للطلاب فرصة مجانية لأداء رياضة روحية إلى جانب بقية الأنواع من الرياضات التي عادة ما يستثمر الطلاب أوقاتهم فيها. والمهم هنا هو كيفية التوفيق بين تلكم الرياضات والمناشط حتى يكون هناك أفضل استغلال للإجازة الصيفية معطرة بعبق وروحانيات شهر رمضان المبارك.

إن واقع الحال يشير إلى أن شريحة كبيرة من الطلاب وخاصة الصغار منهم يقضون أغلب وقت الإجازة الصيفية في اللعب واللهو والنوم، ولا يقومون بأداء أي عمل مفيد لأنفسهم أو لأهلهم أو مجتمعهم. من هنا ومن أجل إستغلال هذه الطاقات الواعدة لا بد من وجود جهة ما رسمية كانت أو غير رسمية تأخذ على عاتقها مهمة تنسيق الجهود لتوجيه الطلاب الوجهة الصحيحة حتى ينخرطوا خلال الإجازة الصيفية في أعمال مفيدة لهم ولأسرهم وللمجتمع بأسره كل حسب ميوله وإمكانياته.

وفي كل الأحوال فالمتوفر من الفرص والإمكانيات للشباب غير قليل ولو تم إستغلاله من قبل الطلاب لكان مردوده جيدا. فمن يرى من الشباب متنفساً له في ممارسة الرياضة يمكنهم الذهاب إلى الأندية الرياضية المنتشرة في مختلف مدن وقرى السلطنة لقضاء وقت الفراغ مع الزملاء والأصدقاء في ممارسة نشاطه الرياضي. كذلك فمن لديه ميول ثقافية بإمكانه أن يشبع حاجته منها من خلال البرامج المتنوعة لهذه الأندية، حيث أنها تضاعف جرعتها من البرامجَ  الثقافية والرياضية بكافة أنواعها خلال موسم الإجازة الصيفية لاسيما إذا صادف حلول شهر رمضان في تلك الإجازة.

البعض الآخر يرى أن القراءة والكتابة هي هوايته المفضلة وهو غير قادر على القيام بها في فترة الدراسة، بالتالي تكون الإجازة الصيفية فرصة جيدة ومجانية لمن يهوى القراءة والكتابة لينغمس في ممارسة هوايته تلك فيبدل بالكتب الصحابا ولو لفترة محددة لبناء ثقافته فهي فرصة لقراءة الكتب خصوصا تلك التي قد يكون اشتراها من معارض الكتب ولم يسنح له الوقت خلال أيام الدراسة لقراءتها. كذلك هي فرصة له لإطلاق العنان لقريحته لكتابة ما لم تتح له ظروف الدراسة كتابته. كما أن المحاضرات والندوات الثقافية التي تنظمها الجمعيات الثقافية والإعلامية والأندية فرصة أخرى يمكن أن يستغلها الفرد لتنمية ثقافته.

كذلك يمكن للبعض إستغلال فترة الإجازة في تقوية مستواه في اللغة الانجليزية خاصة أولئك الذين هم على أبواب الجامعة حيث أصبح الإلمام باللغات بل واتقانها خاصة اللغة الإنجليزية أمرا مهما للغاية خصوصا إذا ما علمنا بأن الدراسة الجامعية سواء كانت في السلطنة أو خارجها تعتمد بشكل كلي على اللغة الإنجليزية في كثير من التخصصات. كما أن الأولية في اختيار الموظف للعمل في وظيفة ما تُعطى لمن له معرفة ودراية باللغة الانجليزية تحدثا وكتابة. ولايختلف إثنان على أن الحاسب الآلي أضحى الطاغي على حياتنا العلمية والعملية والاجتماعية، وحيث أن الكثير من المعاهد تقدم دورات تدريبية في هذا المجال خاصة في فترة الإجازة وتقدم شهادات دولية معتمدة في كثير من حقول هذا البحر الواسع من العلم والتكنولوجيا، فحري بنا أن نطور أنفسنا في هذا المجال الجميل والمهم بالإلتحاق بهذه الدورات.

ولا ننسى السفر والترحال، فهو مجال آخر رحب وفسيح للإستفادة منه في قضاء الإجازة. فكما قال الشافعي فإن في السفر سبع فوائد وهي: انفراج الهم، واكتساب المعيشة، وتحصيل العلم والآداب، وصحبة الأمجاد، واستجابة الدعوة وزيارة الأحباب من أقارب وأرحام واصدقاء. وهنا يلزمنا التخطيط المسبق إذا ما قررنا زيارة دولة ما من أجل التعرف على عاداتها وتقاليدها وثقافاتها، بالإضافة إلى الراحة والاستجمام والسياحة فيها.

وبما أن الإجازة الصيفية في هذا العام تصادف شهر رمضان المبارك، فحري بنا استغلال هذه الفرصة  والإستفادة منها من خلال حضور المساجد وحضور المحاضرات والدروس الدينية، والمشاركة في مدارس حفظ وتجويد القرآن، والاستلهام من دروس وعبر السيرة النبوية، والقصص المذكورة في القرآن الكريم لتكون لنا معينا في قادم الأيام خاصة وأن هذه الفرصة لا تتكرر في عمر الإنسان كثيرا.

إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو مقال آخر قرأته في إحدى الصحف الخليجية  يقول فيه الكاتب بأن نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب في دول الخليج العربي تزيد في فترة الإجازة الصيفية. حقيقةً، لا توجد لدي احصائيات دقيقة حول هذا الموضوع، ولا أستبعد أن تكون لدى الجهات المعنية بهذا الأمر صورة متكاملة عن هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعاتنا العربية الأصيلة. ولكن يبدو الأمر منطقيا للوهلة الأولى، فهذه الأشهر الثلاث، أي فترة الإجازة الصيفية توفر وقتا طويلا قد يسيء البعض استغلاله مما يؤدي بهم إلى الوقوع في فخ هذه المحرمات بسهولة ويسر عن طريق مجالسة رفاق السوء في تجمعات ليلية طويلة حتى أذان الفجر عادة.


ختاما، على كل فرد منا، سواء كان طالبا في المدرسة أو في الجامعة، أو حتى موظفا، علينا أن نخطط لمستقبلنا، بخطة واضحة بعيدة المدى نخطط فيها لوقتنا وكيفية إدارته لاسيما خلال الإجازة الصيفية التي نستطيع خلالها إن أحسنا إستغلالها تنفيذ هذه الخطط والمشاريع وتحقيق طموحاتنا. وهذه دعوة لكم أحبتي إلى حسن استغلال هذا الوقت من الإجازة الصيفية والذي عادة ما يضيع هباءً منثوراً في كثير من الأحيان عند الكثير من الشباب حتى لا نندم حيث لا ينفع الندم لأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك فالأيام التي تذهب لا تعود أبدا.


نشرت في جريدة الرؤية العمانية بعددها الصادر بتاريخ 1/7/2014