2012/12/27

الهروب من المدرسة .. أسباب كثيرة وحلول قليلة 2-2



الجزء الثاني من المقالة ..
منشورة في ملحق الأنوار التابع لإعلام جامعة السلطان قابوس والذي ينشر مع جريدة الوطن ..
يوم الإثنين تاريخ 24/12/2012 ...

2012/12/10

ظاهرة الهروب من المدرسة .. أسباب كثيرة وحلول قليلة


ظاهرة الهروب من المدرسة .. أسباب كثيرة وحلول قليلة (1-2)



كنت قد كتبت مقالا يتحدث عن ظاهرة "الهروب من المدرسة" حينما كنت طالبا في المدرسة الثانوية، حيث كان الكثير من الشباب ومع وقت "الفسحة" يهربون من المدرسة. فتارة تجد البعض يغافل الحارس ويخرج من الباب المفتوح على مصراعيه، والبعض الأخر ينتظر غفلة الحارس ليهرب، بينما المتحلي بالشجاعة يقفز من الجدار متجها إلى خارج المدرسة.
          بعد ثلاثة أو أربعة حصص نشاهد مجموعة كبيرة من الطلاب قد تركوا مقاعد الدراسة واتجهوا خارج المدرسة لقضاء بعض الوقت مع زملائهم أو ذهبوا خارج المدرسة ليرجعوا إليها في اليوم الثاني. البعض من هؤلاء قد يخرج إلى بعض مقاهي الإنترنت أو صالات البولينج – وقد شاهدت في ذلك الوقت ولا زلت اشاهد عددا منهم يفعل ذلك – ومع نهاية اليوم الدراسي يعود إلى منزله وكأن شيئا لم يكن. كان ذلك قبل أربع أو خمس سنوات، وقتها تخيلت أن هذه الظاهرة سوف تندثر مع مرور الأيام، ومع تطور الفكر والثقافة في المجتمع. ولكنني لم أتخيل أنه وبعد مرور كل هذه السنوات، أجد نفس الظاهرة تتكرر وربما أكثر من ذي قبل.
          في الحقيقة تساءلت في تلك الأيام عن أسباب هذه الظاهرة المتزايدة، ولا زالت الأسئلة تدور في خاطري كلما مررت بمثل هذه المواقف. ولكنني لم أحصل على إجابة واحدة، فرغم التشديدات التي قام بها المسؤولون والأساليب المتبعة في تسجيل الحضور والغياب، إلا أن الطالب يحصل على فرصته الكاملة في الهرب من المدرسة. وهنا أضع بعضا من الفرضيات التي استنتجتها من جراء هذه الظاهرة.
الفرضية الأولى والتي أراها واقعية إلى حد كبير هي عدم إلمام الأستاذ أو معرفته بطبيعة الطالب الذي يدرسه، على الرغم من دراسته لعلم النفس التربوي وبعض المقررات المشابهة في المرحلة الجامعية إلا أن التطبيق لا يكون بالشكل الأمثل. وأريد أن أشير إلى نقطة حساسة وهي أني لا أعمم هذا على جميع المدرسين ولكنني أتحدث عن شريحة كبيرة منهم وقد عاصرت عددا كبيرا منهم في ذلك الوقت. فمعرفة الأستاذ بكوامن نفس الطالب لهي من الأمور المهمة جدا والتي يجب أن يُنمي المعلم نفسه فيها، لأنها تمكنه من معالجة الخلل الذي يواجهه ذلك الطالب. وعندما لا يتمكن المعلم من ذلك، يقوم المعلم بالصراخ عليه أو لا يعيره الاهتمام الكافي، عندها يكون الطالب عرضة لعمل لا يليق به كمثل الهروب من المدرسة.
الجو المدرسي العام، أو طريقة بناء المدارس في بلادنا، هي إحدى الفرضيات التي قد تكون سببا لظاهرة الهروب من المدارس، فما كان يحدث سابقا، وما التمسه الآن عند حديثي مع بعض الطلاب في المدارس الإعدادية والثانوية هو تدعيم لهذه الفرضية. حيث أن أسلوب بناء مدارسنا وللأسف الشديد لا يرتقي إلى مستوى بناء المدارس في الدول المجاورة وبعض دول العالم الأخرى، فهي لم تتطور ولم تتبدل منذ بداية إنشاء المدارس في السلطنة إلى يومنا هذا، إلا في ما ندر وقل من المدارس. وهذا الأمر يؤثر سلبيا على الطالب، حيث أن الطالب وهو في مرحلة مختلفة من حياته يحاول أن يواكب التطور والتقدم في مجالات الحياة، وإحدى هذه المجالات هي أساليب البناء، فحينما يجد الطالب نفسه في مدرسة بأسلوب بناء قديم فإنه يؤدي به إلى عدم إعارة هذه المدرسة الإهتمام، ليس لأنه لا يريد الدراسة فيها، بل لأنه لا يرى فيها أيا من جوانب التطور والتحضر. وقد يلجأ البعض إلى الدراسة في المدارس الخاصة نظرا لتطور أسلوب بنائها. وهنا لا أجد فرقا بين الطالب المجيد والطالب المتوسط أو الضعيف، فالكل يتأثر وإن كانت آثاره مختلفة بين طالب وآخر.


نشرت في ملحق أنوار التابع لدائرة الإعلام في جامعة  السلطان قابوس
جريدة الوطن
تاريخ 10/12/2012

2012/11/30

بين كربلاء وغزة .. حكاية لا تنتهي



          تمضي الدهور والأزمنة ولا تزال ذكرى كربلاء عالقة في أذهان المسلمين، بل ويتفاعل معها غيرهم من معتنقي الديانات الأخرى، وذلك لأن هذه الواقعة حملت جانبين مهمين ألا وهما الجانب العاطفي والإنساني والجانب الأخر وهو المهم في حديثنا وهو جانب المقاومة ورفض الظلم والعدوان والعمل على إصلاح الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبواقعة كربلاء فإن كثيراً من القواعد العملية والأسس المهمة لعملية المقاومة قد أسستها هذه الواقعة المهمة والمفصلية في تاريخ الأمة الإسلامية. وبفضل هذه المقاومة وهذه الثورة قامت ثورات عديدة ومقاومات للظلم والعدوان بعد واقعة كربلاء ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.

         إن قضية كربلاء  وثورة الحسين بن علي حفيد الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم لم تكن من أجل كرسي رئاسة أو ملك زائل، بل كانت نهضةً من أجل مقارعة الظلم والعدوان ولإحقاق الحق ودحض الباطل وفي ذلك يقول الحسين بن علي:" إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي ابن أبي طالب". وسيرة النبي صلى الله عليه واله وسلم وأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب معروفة لدى القاصي والداني. ولذا فإن مقاومة الحسين للظلم كانت نموذجا يُحتذى به في الثورات والنهضات التي لحقت واقعة كربلاء، ولا تزال نهضة الحسين بن علي أهم النماذج التي سطرها لنا التاريخ فيقول الزعيم الهندي غاندي إبان الإحتلال على الهند:" إذا أرادت الهند أن تنتصر فعليها الإقتفاء بسيرة الحسين"، وقال في بعض خطبه:" علمني الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر".

          ونجد أن المستشرقين فضلا عن العرب والمسلمين قد تحدثوا عن مقاومة الحسين بن علي للظلم والعدوان وأن مراده كان إعلاء راية التوحيد وإعلاء الدين الإسلامي فقال المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون:" أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الإنسانية، وقُتل في سبيل العدل بكربلاء". ويقول الباحث الإنجليزي جون أشر:" إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الإستشهاد في سبيل العدل الإجتماعي". وأخيرا يقول الكاتب العربي لبيب بيضون:" ما أظن أن إنساناً في مسرح التاريخ والبطولة، استطاع أو يستطيع أن تكون له مثل هذه الكفاءات العالية والمواهب الفريدة النادرة غير الإمام الحسين (عليه السلام) ليمثل هذا الدور الجوهري الخطير في قيادة حركة الإيمان وإحياء دعوة الإسلام". ولست هنا بصدد ذكر ما قالته الجموع عن حركة الإمام الحسين وإنما أكتفي بذكر بعضها فقط، وفيها إشارات واضحة إلى أن حركة الإمام الحسين كانت ملهمة ومؤسسة لكثير من النهضات التي تلت تلك الحقبة التاريخية.

          ومن رحم الثورة الحسينية والمقاومة التي خاضتها تلك الأنفس الزاكية في كربلاء، ولدت المقاومة الإسلامية في غزة، لتكون إحدى الحركات المقاومة التي انبعثت من ثورة كربلاء ومن مقاومة الحسين بن علي للظلم والعداون. فنجد أن إخوتنا في غزة رغم كل الظروف وتكالب الأمم عليهم، ورغم قلة عددهم وخذلان الناصر – وهو شبيه بما حصل في كربلاء – فإنهم يبدون شجاعة ليس لها مثيل في سبيل رد العدوان وإحقاق الحق وتمييز الطيب من الخبيث. فكما كانت واقعة كربلاء – والأمثال تضرب ولا تقاس – مفصلا مهما في تاريخ الأمة الإسلامية قديمة، فإن ما يحصل في أرض فلسطين هو أيضا قضية مفصلية في تاريخ المسلمين حديثا، وبها نُميز الحق من الباطل ونصل إلى نتائج ووقائع سوف يحفظها التاريخ للأجيال اللاحقة.

          إن الذي يجري اليوم في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والدماء التي تسيل على هذه الأرض الطاهرة استوحت الدورس واستوحت نهج المقاومة من ثورة الحسين بن علي في كربلاء حين قال:" ألا إن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات من الذلة". وأهل غزة كانوا ولا زالوا يقولون "هيهات منا الذلة"، نفس المنطق ونفس الهدف ونفس الطريق. وكما كانت كربلاء ثورة "انتصار الدم على السيف" ستكون غزة "ثورة انتصار الدم على السيف" فلا تغرن قلة عددهم وخذلان اخوانهم لهم، فإنما هو قد ولدوا من رحم كربلاء. وستبقى الحكاية بين كربلاء وغزة مستمرة.

رضا بن عيسى اللواتي
مسقط – سلطنة عمان
نشرت في جريدة القدس العربي بتاريخ 30/11/2012

2012/11/16

دعوة للحوار بين المذاهب الإسلامية

دعوة للحوار بين المذاهب الإسلامية
          


قبل زمن ليس بالبعيد، اقترح الملك السعودي في قمة الدول الإسلامية إقامة مركز خاص يُعنى بالحوار بين المذاهب الإسلامية، ويكون الهدف منه حوارا سلسا شفافا بين علماء هذه المذاهب وعُقلائها للوصول إلى نتيجة توحد المسلمين تحت راية التوحيد، وكأخوة في هذا الدين الحنيف. في الحقيقة، راقَ هذا الاقتراح للعديد من العوام من الناس الذين تعبوا بل ربما استسلموا للحرب الشعواء القائمة بين فرق المسلمين والتي أنتجت العديد من المشاكل بين الأخوة من البلد الواحد، بل وصل الأمر في بعض هذه البلاد إلى التناحر والقتال بحجة رفع كلمة الإسلام عالية خفاقة، ولست أدري هل بهذا العمل ترتفع كلمة الإسلام أم تُسحق بيد الطائفية والإرهاب الأمر الذي أعطى للإسلام سُمعة سيئة لدى العالم الغربي.

عندما نتحدث عن الحوار بين المذاهب الإسلامية بشكل عام أو بالخصوص بين السنة والشيعة في الفترة الراهنة، فإننا يجب أن نستعبد بعض الفئات التي أضحت ترمي بقية المسلمين بأبشع التهم، وتكفرهم على كل صغيرة وكبيرة، وربما دعت بعض هذه الفئات إلى قتل بعض المسلمين بناءً على مذاهبهم التي يعتنقونها أو أفكار يتمسكون بها. وفي هذا يقول النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وهؤلاء ليس منهم من سلم المسلمين من السنتهم وأيديهم. ووجود هذه الفئة يزيد الطين بلة ويُسَعِّر النار بما يقولون ويفعلون.

إن لمثل هذه الأفكار والأطروحات – أي مسألة التقارب بين المذاهب الإسلامية -  إيجابياتٍ كثيرة وأهمها هو حماية دم الإنسان المسلم من نيران الطائفية البغيضة وجهل الجهلاء الذين وصلت بهم الحال إلى بيع دمائهم مقابل أحلام زواجهم من "الحور العين"، ولكن هذا البيع والشراء إنما هي تجارة خاسرة وضياع للنفس والمال وتضييع للأهل والولد إضافة إلى مقتل الكثير من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى اعتناق فكرة واعتقاد لا يحبه هذا القاتل أيا ً كان.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه في حال تطبيق هذه الفكرة ووضعها حيز التنفيد من شأنه أن يُنقي التراث الإسلامي من الكثير من الإسرائيليات والمغالطات التي دخلت عليه خلال القرون الماضية والتي أدخلها بعض وُعَّاظ السلاطين ومن باعوا دينهم ودنياهم لأجل أموال زائلة أو حماية لنفسه وأهله من القتل والتنكيل والتعذيب. وقد جاءت الإساءة لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم بسبب هذه الإسرائيليات والمغالطات التي انتشرت وللأسف الشديد في كتب المسلمين. وإني أطلب من علماء المسلمين ووجهاءهم ومن له صوت مسموع بينهم أن يبدأوا بتنظيف وتنقيح كتب المسلمين التاريخية والروائية وغيرها من هذه المغالطات والتي يستخدمها بعض من يريد الفتنة بين المسلمين لتشويه صورة النبي الأعظم صلى الله عليه واله وسلم.

كذلك، فإن من ثمار التقارب الفكري بين المذاهب الإسلامية هو تقدمها العلمي والتكنولوجي والثقافي كأمة واحدة في مقابل التطور السريع الذي يشهده العالم الغربي. إذ نجد أن بعض البلاد الإسلامية متقدمة عن بلاد أخرى في التكنولوجيا الحديثة بل وتسابق العالم الغربي في ذلك، ونجد بلادا أخرى متقدمة بقية البلاد الإسلامية في ثقافتها وعلومها النظرية. ولكن إن تقاربت هذه البلاد المختلفة في مذاهبها الدينية فكريا وعقائديا فإن علماءها والعقول المنيرة فيها يمكنها من أن تتقارب في التجارب العلمية فتُخرج لنا أجيالا من العلماء بدل أن تتجه طاقاتنا لخدمة الغرب.

وأما الجانب الإقتصادي فسوف ينال حيزا من الإهتمام المتبادل وخصوصا في ظل الظروف الإقتصادية الراهنة التي ما فتئت تعصف بالكثير من المجتمعات العالمية. في حين أنه لو تقاربت الدول الإسلامية وأصحبت تفكر كمجتمع واحد بعيدا عن الطائفية فإنه من الممكن جدا أن تستثمر مواردها الطبيعية - والمعلوم أن الدول الإسلامية تمتلك مواردا طبيعية هائلة قل نظيرها في أماكن أخرى من هذا العالم – في النهوض بالأمة الإسلامية وتطوير البنية التحتية والخدمية لهذه المجتمعات.

أخيرا، إن المُطّلع على ما يجري في البلاد الإسلامية قاطبة، يرى بأن مسألة التقارب الفكري بين المذاهب الإسلامية أصبحت أمراً لا مفر منه ولا يُمكن الإستغناء عنها بتاتاً. ليس فقط لأجل إيقاف نزيف الدم في البلاد الإسلامية، ولكن لتوحيد كلمتهم وهدفهم لغاية أسمى ألا وهي نُصرة القضية الفلسطينية التي طالما أدعى العرب والمسلمون ولا زالوا يدعون بأنها الهدف الأكبر لهم منذ أن تم احتلالها. وليت شعري، كيف يمكنهم أن يُطهروا أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من دنس الإحتلال الصهيوني الغاصب وهم يتناحرون فيما بينهم، والأولى بهم ومنذ أمد بعيد أن تُجيش الجيوش لإعادة الحرية للشعب الفلسطيني وللأراضي الفلسطينية المحتلة، لا أن يقتل الرجل أخاه بحجة اختلاف مذهبه ومعتقده الديني.

وإنني من هذا المنبر أدعو جميع الدول الإسلامية إلى الإقتداء بتجربة سلطنة عمان في الوحدة الإسلامية والسير على نفس الخُطى التي سارت عليها السلطنة في سبيل توحيد البلاد تحت راية واحدة لخدمة الدين والوطن. كما أتمنى أن تُطبق فكرة العاهل السعودي وتدخل حيز التنفيد ويبدأ العمل بها قريبا جدا، لعلنا نشاهد توقفا سريعا لدماء المسلمين التي تسيل هنا وهناك بحجة الطائفية المقيتة وتطورا جذريا في هذه البلاد.


رضا بن عيسى اللواتي
سلطنة عمان
نشرت في جريدة القدس العربي بتاريخ 15/11/2012م

2012/07/28

بين الأصالة والمعاصرة .. صراع دائم



بين الأصالة والمعاصرة .. صراع دائم

          كثيرا ما تم استخدام مصطلح "الأصالة والمعاصرة" في حديث الأدباء والمفكرين وتمت الإشارة إلى هذين المصطلحين في مواضيع وأبحاث عديدة، وكتب عنها الباحثون وأشارت إليها الأقلام، وعُقدت من أجل شرحها الندوات. ولكن يبدو أن الكثير من هؤلاء المحللين والباحثين لم يستطعوا إيجاد التناغم بينهما، فأخذوا ببيان تناقضهما وبيان البعد الشديد بينهما والهوة العميقة التي تفصلهما، بل وتحدث بعضهم وأشار إلى استحالة إيجاد التوافق بين "الأصالة والمعاصرة".
          ولو جئنا إلى الأصالة بمعناها اللغوي البحت نجد أنها كل ما يتصل بالماضي من عادات وتقاليد ومواريث، بينما تُعرف المعاصرة على أنها كل ما هو جديد ويلازم التطور والازدهار. ومن خلال المعنى اللغوي للكلمتين، يبدو أنه من الصعوبة بمكان إيجاد التوافق والتلازم بينهما، بالخصوص بعد بزوغ عصر التكنولوجيا والتطور وعصر الحريات والديموقراطية في حياة الشعوب. ولكن السؤال المطروح "هل يمكن الجمع بين الأصالة والمعاصرة في إطار واحد؟" وهذا السؤال عادة ما يتكرر بعد كل حوار وندوة أو مناظرة، دون الحصول على إجابة واضحة وصريحة.
          لقد قيل قديما أن الأمة التي ليس لها ماضٍ ليس لها حاضر ولن يكون لها مستقبل، وهي معادلة صحيحة جدا، فكيف لأمة لم يكن لها إنجازات فيما سبق ولم تُعرف قبل الآن وليس لها عادات وتقاليد أن يكون لها حاضر فضلاً عن وجود مستقبل لأبنائها. فما نراه في واقعنا الحالي من أمم كانت مُشردة في سالف الأزمنة ومن دون إنجازات سابقة وليس لها عادات تحكمها، هي لا تستطيع بناء حاضرها بناءً راسخاً صلباً يضمن لها تطورها ونموها في المستقبل. على العكس تماما، فإننا نجد الأمم التي عاشت ماضيها وهي أمم منتجة مُنجزة ولها عادات وتقاليد راسخة ورثتها لأبناءها وأجيالها اللاحقة فإن لها حاضر مضيء ومستقبل يمكن التكهن بحاله، كحال أمتنا العربية وإن كانت تعيش حالياً تحت أنقاض ماضيها المجيد إلا أن الربيع العربي قد يعيد لها بعضا من رونقها وجمالها.
          في مقابل ذلك، فإن التطور الحاصل في شتى مجالات الحياة، وأبرزها التطور العلمي والتقني، والسرعة الشديدة التي تزدهر فيها العلوم والتقنيات وغيرها، تجعلنا نقف أمام مصطلحات الحداثة والانفتاح على الثقافات الأخرى وأفكار الطرف الأخر. فلا يمكن لنا أن نبقى في أخر السباق متخلفين عن بقية الأمم بحجة الأصالة والعادات والتقاليد.
          وقد أخذ المفكرون والباحثون في هذا المجال باستعراض أبحاثهم وأفكارهم فبعضهم يقول أنه إذا أردنا أن نتطور ونلحق بركب العلماء والباحثين فإن علينا أن نترك تراثنا وعاداتنا جانبا ونسير بخطىً حثيثة كما يسير الغرب ونفكر كما يفكرون ونلبس كما يلبسون ونأكل كما يأكلون، فإنهم دُعاة التطور والازدهار. وعلى الضفة الأخرى يقول آخرون بأن التراث هو الأساس في كل شي، وأن علينا أن نتمسك بتراثنا وأن نترك التقنية والعلوم الحديثة لكي نُكوّن شخصيتنا العربية ونعيد إلى ثقافتنا شيئا من ماضيها التليد بعيداً عن تأثيرات الغرب والمجتمع المتمدن.
          في الحقيقة لا يمكننا أن نُفرّق بين الأصالة والمعاصرة، فإذا ما تحدثنا عن الأصالة بمعزل عن المعاصرة فإننا نكون قد وقعنا في حديث عن الماضي السحيق وإن كان مشرقا، وأوقعنا مجتماعتنا وأجيالنا في انعزال فكري واضح بدعوى "التمسك بالعادات"، ويؤدي هذا بالتأكيد إلى نقص الوعي وعدم فهم الحاضر فهما صحيحا وعدم مواكبة التطور العلمي. وإذا ما تحدثنا عن المعاصرة بمعزل عن الأصالة فإننا سوف نكون في تبعية لكل ما هو جديد دون الرجوع إلى أساسنا الفكري والعقائدي، فغلبة المعاصرة في زمننا الحالي وبالخصوص لثقافة مثل ثقافتنا العربية التي لم تواكب العولمة إلا قريبا جدا سوف يؤدي إلى سقوط أبنائنا في شبهات ومشاكل نحن في غنىً عنها.
          وعلى هذا النحو، فإن الربط بين الأصالة والمعاصرة يتم بأخذ الصالح من التطور والعلم وترك الطالح منها، ويكون ذلك على نحو واضح وضوابط حددتها الشريعة الإسلامية وحددتها عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة. وأبرز مثال على ذلك، ما حدث في العهد النبوي الزاهر حينما جاءت التشريعات الإلهية بأخذ بعض الأحكام التي كانت في أيام الجاهلية كحُرمة الحرب والقتال في الأشهر الحُرم، وجعلتها تشريعا قرآنياً دون المساس بالتشريعات الإسلامية الأخرى ودون الأخذ بأحكام جاهلية أخرى مخالفة للتعليمات الإسلامية، وذلك لأن هذا التشريع الجاهلي يتناسب والفكر الإسلامي.
فنحن حينما ندعو إلى التمسك بالأصالة ومواكبة الحداثة والمعاصرة، إنما نُريد من أجيالنا أن تكون منفتحة على الثقافات والحضارات الأخرى دون أن تَنسى حضارتها وفكرها التي نشأت عليه، ونريد من أجيالنا أن تكون مُلمة بالتقنية الحديثة دون أن تُهمل تراث الأباء والأجداد، بل ونريد من أبناءنا وأجيالنا أن يكونوا معاصرين وأن يكونوا في الوقت نفسه دعاة إلى الأصالة ومتمسكين بتراث الماضين. وقد أشاد القرآن الكريم بهذه الفئة حين قال :"فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ" ‏[‏الزمر‏:‏ 17-18‏]‏.


رضا بن عيسى اللواتي
في ملحق شباب عمان التابع لجريدة عمان
28/7/2012

2012/07/14

ودخلتها لأول مرة



ودخلتها لأول مرة !

هذا أول يوم لي في المستشفى كطالب متدرب، ولكن اعتادت أذني على سماع كلمة "دكتور" من جميع من يعرفني، على الرغم من أنني لا أفقه إلا القليل في الطب ولكنه كان كافيا لكي أسمع هذه الكلمة الرنانة، كلمة لها ثقلها ووزنها في المجتمع. مع دخولي المستشفى في قسم الطب الباطني وتجوالي في أركانه وحديثي مع زملائي وبعض العاملين في المستشفى، استوقفني أحد المرضى والذي خرج بحثا عن طبيب أو ممرض يحدثه، وعندما رآني صرخ مناديا "دكتوووور .. أريدك في كلمة صغيرة"، كُنت أول من يلتفت إليه، ربما لأني اعتقدت أن كل من ينادي "دكتور" فإنه يعنيني دون سواي. ذهبت إليه وقد تملكني الشعور بالفخر والغبطة. بدأ يحدثني عن حالته الصحية وما حدث له طوال مدة اقامته التي ربما تجاوزت عشرة أيام واختتمها قائلا "هذا المستشفى غير جيد، هذا هو اليوم العاشر لي هنا، ولم يخبرني أحد عن حالتي الصحية ولا عن علاجي، سوف أذهب إلى "تايلند" للعلاج، هناك الوضع أفضل".

لقد سمعت هذا الكلام عدة مرات مُسبقا واعتقدت في الوهلة الأولى أنه تكرار لجميع الحالات السابقة إلا أن الرجل كان يعني ما يقول، بل كان يقولها بحرقة قلب وربما تساقطت بعض الدموع من مقلتيه. عندها أدركت أنني لا أستطيع أن أفعل شيئا أو أن أساعده في شيء، فأخبرته أنني مجرد طالب ولست بطبيب، فشكرني كثيرا لأنني أصغيت إليه وقال لي وهو يعود إلى سريره "لا تكن كمن سبقك". لا أدري ماذا عَنى بكلامه هذا، ولكن ربما هي إشارة صغيرة ولكن لها مغزىً كبير سوف أعرفه مع مرور الأيام.

في الجانب الآخر من الجناح، رأيت رجلا قد شارف على الثمانين من عُمره وهو جالس على كرسي متحرك يقوده أحد أبناءه بعد أن تشافى والدهم من جلطة دماغية افقدته الحركة في قدمه اليمنى ويده اليمنى في ذلك الوقت، إلا أنه الآن وكما يبدو بدأ يُحرك يده اليمنى بعد العلاج الذي قُدم له وظهرت على ملامح وجهه تعابير أحسست منها أنه خرج لتوه من العذاب إلى النعيم. وسمعت الطبيب يحدثهم ويحثهم على الالتزام بتعليماته وإلا فإن الرجل قد يعاني من شلل رباعي يفقده كل شي. المهم في الأمر أن هؤلاء قد خرجوا من المستشفى وهم فرحين مسرورين، وأنا الآخر لم تفارقني الابتسامة بعد هذا المشهد.

وفي غمرة انغماسي وأنا أشاهد ذلك الموقف، جاءني الطبيب المسؤول ليُعْلِمَني ببداية الجولة الأسبوعية على المرضى، فذهبت معهم منصتا لما يقوله الطبيب ويشرحه عن حال المرضى وكيفية علاجهم وأنا مُنتشٍ بهذا، وإذا بي أسمع صوت بكاء وصراخ من غرفة العزل، رجال ونساء وأطفال، الكل يبكي فقد فقدوا عزيزا لهم، ولكن لن أنسى صوت تلك المرأة التي صرخت بصوت عالٍ "تباً لكم أيها الأطباء وتعساُ لكم، بالأمس قتلتم والدنا العطوف واليوم تقتلون والدتنا الحنونة"، وعادت بعدها للبكاء. ربما كانت لا تعني ما تقول لمرارة الفاجعة الذي أصابتها وما كان من الأطباء المعالجين إلا تلك الغرفة بعد أن عملوا كل ما بوسعهم وأنهوا عملهم بتقديم العزاء لهذه الأسرة التي فقدت أحد أعمدتها واتجهوا لعلاج مريض آخر.

يمضي الوقت في المستشفى وأنا مع الفريق الطبي الذي بدأت بالتدرب معه، ثم محاضرة لأتعلم ما ينفعني في مستقبلي المهني، ثم أعود بعدها إلى الحديث مع المرضى ومعرفة أسرار مرضهم وفحصهم فحصا دقيقا. وبعد انتهاء دوام اليوم الأول عدت إلى منزلي فرحا مسروا لأني تعلمت شيئا جديدا، وساعدت مريضا وسمعت شكوى مريض آخر قد اتعبته مرارة المرض والقت الحمى بسياطه على ظهره الذي تقوّس بفعل الزمان.



رضا بن عيسى اللواتي
ملحق شباب عمان التابع لجريدة عمان
14/7/2012 ...

2012/07/01

مقالة "مواقف المستشفى السلطاني .. نظرة إلى الواقع"



مواقف المستشفى السلطاني .. نظرة إلى الواقع

كثر الحديث حول الازدحام المروري الشديد الذي تعاني منه محافظة مسقط في ظل النمو العمراني والحضاري بها، والذي أدى إلى تزايد كبير لعدد السكان في العاصمة. لكن في المقابل، يقل أو يكاد ينعدم الحديث حول عدم توافر مواقف السيارات في الأماكن العامة، والذي هو في الأساس نتيجة حتمية لهذا التطور. في الحقيقة، تعد مشكلة عدم توافر مواقف السيارات من المشاكل التي تؤرق مضاجع السائقين، خصوصا إذا كان السائق من محافظة أخرى غير محافظة مسقط وهم أيضا كُثر، حيث لا يستطيع هذا السائق استخدام وسيلة نقل اخرى غير سيارته الخاصة كبديل لتفادي أزمة المواقف.

ما دفعني لكتابة هذا المقال هو الحال الذي وصلت إليه مواقف السيارات في المستشفى السلطاني، والذي يعد من المستشفيات المرجعية في السلطنة. التقدم الذي وصل إليه هذا المستشفى في أساليب تقديم الخدمات الصحية والتطور في نوعية المعدات الطبية لم ينعكس إيجابيا على  الحال في مواقف السيارات. والزائر لهذا المستشفى المرجعي يرى الكثير من المخالفات المرورية التي جاءت نتيجة عدم وجود أماكن لإيقاف السيارات. فمع ازدياد أعداد المراجعين يومياً ومع حضور زوارهم ومرافقيهم، بالإضافة إلى تواجد الكادر الإداري والطبي والتمريضي للمستشفى تتحول مواقف السيارات إلى "صالة عرض" للسيارات ولكن بطريقة غير حضارية.

ما نشاهده في الباحة الرئيسية للمستشفى السلطاني كل يوم هو وقوف السيارات في منتصف الطريق، أو وقوفها فوق الأرصفة المختلفة، وتواجدها في مداخل ومخارج الطرق، بل يصل الحال إلى وقوف بعض المراجعين أو زوارهم خارج المستشفى - أي في الطرقات - لعدم توفر مواقف كافية لاحتواء هذا العدد الهائل من سيارات المراجعين والذي يزداد يوما بعد يوم.

قد يقول البعض أن لهذه المشكلة أوقاتا للذروة، أما في بقية اليوم فالأمر لا يتعدى وقوف سيارة أو سيارتين في منتصف الطريق. إنني هنا لا أنكر أن ما وصفته في الأعلى يكون معظم الأحيان في أوقات الذورة، ولكن لأجل راحة وسلامة المرضى ومرافقيهم يجب أن تُحل هذه المشكلة. فالمريض وأهله لا يستطيعون الإنتظار طويلا للحصول على موقف لمركبتهم. وكم مرة حاولت وحاول غيري المرور في مواقف السيارات دون أن يخدش سيارة أو يضع بصمة على أخرى بسبب تراكمها في المخارج والمداخل ولكن دون جدوى! وكم مرة رأيت على سيارتي وعلى سيارات أخرى وربما رأى غيري خدشاَ على سيارته بسبب وقوف سيارة في مكان خاطئ أدت إلى إغلاق المسار على السيارات الأخرى، وكل ذلك بسبب عدم توفر مواقف كافية في باحة المستشفى.

حل هذه المشكلة ليس سهلا، ولكنه في نفس الوقت ممكن للغاية. فجعل المواقف ذات طوابق ثلاثة أو أربعة، مع وجود مبلغ مادي رمزي يتم دفعه حال الخروج من المستشفى سوف يقلل من مشكلة المخالفات المرورية وسوف يجعل منظر المستشفى من الخارج حضارياً أكثر من ذي قبل. وهنا قد أجد معارضة من طلب وجود مبلغ مادي رمزي يُدفع وقت الخروج من المستشفى، ولكن ما أريده وأتمناه أن لا يتم الاكتفاء بالمبلغ المالي، بل يزيد المبلغ المدفوع كلما زادت مدة مكوث الزائر في المستشفى، فالحاصل أن الكثير من أهالي وزوار المرضى يجلسون في المستشفى إلى وقت متأخر بعد انتهاء وقت الزيارة، وهذا الأمر يؤدي إلى حدوث فوضى وجلبة في أجنحة المستشفى، الذي يجعل من عملية متابعة المرضى ومراجعتهم أثناء المناوبة الليلية أمرا صعبا للغاية.

في النهاية، مشكلة مواقف السيارات في المستشفى السلطاني بحاجة إلى حل ناجع وسريع، فالأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأتمنى من المسؤولين النظر جديا في هذا الموضوع لسوء توابعها ولما فيه المصلحة العامة.


رضا بن عيسى اللواتي
جريدة الرؤية .. السبت 30/6/2012

2012/06/24

مقالتي الجديدة "رسائل قصيرة (2)



رسائل قصيرة .. 2

-         قانون الطفل العماني الذي أقره مجلس الشورى قبل عدة أيام، يُعد خطوة في الإتجاه الصحيح ونظرة إلى المدى البعيد. على الرغم من أننا لسنا من السابقين إلى مثل هذا القانون، إلا أنه يضمن حقوق الأطفال التي يسلبها المجتمع في بعض الأحيان. ربما لا يعاني أطفالنا من العمل المرهق الشاق في حر الظهيرة إلا في ما ندر، إلا أنهم يعانون من غير ذلك. على سبيل المثال، في حالة مرض أحد الأطفال في السلطنة، يتصدر "الوسم" قائمة العلاج وربما تُستخدم بعض العلاجات التقليدية التي لا تنفعه بل ربما تضره أكثر، وما يزيد الأمر تأسفا هو وجود علاج شافٍ لمثل هذه الأمراض في الطب الحديث ويتم استخدامه في مستشفياتنا. الأمر الآخر الذي يعاني منه أطفالنا في هذه الأيام هي الإعتداءات الجنسية عليهم من قبل ذويهم أو جيرانهم، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها. قانون الطفل سوف يكون الملاذ والملجأ لهؤلاء الأطفال لضمان حقوقهم، فما أكثر الأطفال الذين نراهم في المستشفيات بسبب اعتداء جسدي أو جنسي ولا يتم اتخاذ أي نوع من الإجراءات جراء غياب مثل هذه القوانين.
-      "ثقافة المضادات الحيوية"، إحدى أهم الثقافات التي يجب أن نمتلكها في الوقت الراهن خصوصا مع انتشار الأوبئة والأمراض، فما أن يصاب أحدنا "بالحمى والزكام" يسارع إلى المراكز الصحية والعيادات الخاصة طالباً "المضادات الحيوية". وسمعنا من الكثير حين يقول "الدكتور الفلاني ما عطاني مضاد حيوي، كان عندي زكام وحمى، الدكتور هذا ما زين".  لكن السؤال المطروح: هل نحن بحاجة في كل زيارة للمركز الصحي بـ "زكام وحمى" أن نأخذ مضادا حيويا؟ في الحقيقة، أثبتت الدراسات الحديثة أن الغالبية العظمى من حالات "الزكام والحمى" سببها فايروسي، وهي لا تتأثر بالمضادات الحيوية وتختفي أعراضها بعد مرور 5-7 أيام على بدايتها. بالتالي عندما نأخذ المضادات الحيوية في الحالات التي تنتج نتيجة الفايروسات، فإننا لا نستفيد منها، بل على العكس تماما، نكون قد جلبنا الضرر لأنفسنا، فالبكتيريا الآن إن وجدت بأعداد قليلة جدا سوف تتعود على هذا المضاد الحيوي وستتوفر لديها المناعة الكافية تجاهه. وحينها لا ينفع استخدام هذا النوع من المضادات الحيوية. ولذلك أقول، حري بنا أن نمتلك "ثقافة المضادات الحيوية"، فإنما نحن بذلك نحمي أجسادنا أولا وأخيرا.
-         ذكرى الإسراء والمعراج التي مرت علينا قبل عدة أيام هي من المحطات المهمة لإعادة التفكير في حال أمتنا الإسلامية. وإنما صارت هذه الحادثة في بداية البعثة لتكون محطة تجتمع فيها قلوب المسلمين من أقصى الأرض إلى أقصاها تحت راية واحدة في كل عام، لكي يتنازل الجميع عن المصالح الدنيوية الفانية والزائلة لصالح المصالح الإسلامية الباقية. هذه المعجزة الفريدة من نوعها، والتي لم تحصل لنبي قط قبل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، أضحت في وقتنا الحالي ذكرى تقام فيها الندوات والمحاضرات الدينية لاستذكار سيرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام والاستفادة من الوعظ والإرشاد. لا أنكر في هذا المقام أهمية هذه الندوات والمحاضرات، ولكن هل هذا ما يريده القرآن منا بذكره لهذه الحادثة العظيمة؟ إن القرآن الكريم من خلال إشارته وذكره لهذه الحادثة التاريخية المفصلية - كما يصفها بعضهم - في مسيرة البعثة المحمدية المباركة يريد منا أن نُظهر للعالم ما هو الدين الإسلامي وما هي قواعده وأسسه، وكيف تمكن المسلمون فيما مضى من الزمن من قيادة العالم. يريدنا القرآن الكريم أن نعلن في كل عام صدق ادعاءنا للأسلام، لا أن نكون كالأعراب كما وصفهم الله تعالى في قوله:" قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (14) سورة الحجرات. يريد منا القرآن الكريم أن نزداد إيمانا وتصديقا برسالة النبي عليه الصلام والسلام بأفعالنا لا بأقوالنا. فهل أثرت هذه الحادثة في أنفسنا وأحدثت تأثيرا إيجابيا لأرواحنا، أم مرت علينا كالبرق الخاطف كغيرها من المحطات التي وضعها الله لتُنير لنا دروبنا؟



رضا بن عيسى اللواتي
ملحق شباب عمان 23/6/2012 ...

2012/06/17

ظاهرة الهروب من المدرسة .. أسباب كثيرة وحلول قليلة

ظاهرة الهروب من المدرسة .. أسباب كثيرة وحلول قليلة

كنت قد كتبت مقالا يتحدث عن ظاهرة "الهروب من المدرسة" حينما كنت طالبا في المدرسة الثانوية، حيث كان الكثير من الشباب ومع وقت "الفسحة" يهربون من المدرسة. فتارة تجد البعض يغافل الحارس ويخرج من الباب المفتوح على مصراعيه، والبعض الأخر ينتظر غفلة الحارس ليهرب، بينما المتحلي بالشجاعة يقفز من الجدار متجها إلى خارج المدرسة.
          
          بعد ثلاثة أو أربعة حصص نشاهد مجموعة كبيرة من الطلاب قد تركوا مقاعد الدراسة واتجهوا خارج المدرسة لقضاء بعض الوقت مع زملائهم أو ذهبوا خارج المدرسة ليرجعوا إليها في اليوم الثاني. البعض من هؤلاء قد يخرج إلى بعض مقاهي الإنترنت أو صالات البولينج – وقد شاهدت في ذلك الوقت ولا زلت اشاهد عددا منهم يفعل ذلك – ومع نهاية اليوم الدراسي يعود إلى منزله وكأن شيئا لم يكن. كان ذلك قبل أربع أو خمس سنوات، وقتها تخيلت أن هذه الظاهرة سوف تندثر مع مرور الأيام، ومع تطور الفكر والثقافة في المجتمع. ولكنني لم أتخيل أنه وبعد مرور كل هذه السنوات، أجد نفس الظاهرة تتكرر وربما أكثر من ذي قبل.
          
           في الحقيقة تساءلت في تلك الأيام عن أسباب هذه الظاهرة المتزايدة، ولا زالت الأسئلة تدور في خاطري كلما مررت بمثل هذه المواقف. ولكنني لم أحصل على إجابة واحدة، فرغم التشديدات التي قام بها المسؤولون والأساليب المتبعة في تسجيل الحضور والغياب، إلا أن الطالب يحصل على فرصته الكاملة في الهرب من المدرسة. وهنا أضع بعضا من الفرضيات التي استنتجتها من جراء هذه الظاهرة.

الفرضية الأولى والتي أراها واقعية إلى حد كبير هي عدم إلمام الأستاذ أو معرفته بطبيعة الطالب الذي يدرسه، على الرغم من دراسته لعلم النفس التربوي وبعض المقررات المشابهة في المرحلة الجامعية إلا أن التطبيق لا يكون بالشكل الأمثل. وأريد أن أشير إلى نقطة حساسة وهي أني لا أعمم هذا على جميع المدرسين ولكنني أتحدث عن شريحة كبيرة منهم وقد عاصرت عددا كبيرا منهم في ذلك الوقت. فمعرفة الأستاذ بكوامن نفس الطالب لهي من الأمور المهمة جدا والتي يجب أن يُنمي المعلم نفسه فيها، لأنها تمكنه من معالجة الخلل الذي يواجهه ذلك الطالب. وعندما لا يتمكن المعلم من ذلك، يقوم المعلم بالصراخ عليه أو لا يعيره الاهتمام الكافي، عندها يكون الطالب عرضة لعمل لا يليق به كمثل الهروب من المدرسة.

الجو المدرسي العام، أو طريقة بناء المدارس في بلادنا، هي إحدى الفرضيات التي قد تكون سببا لظاهرة الهروب من المدارس، فما كان يحدث سابقا، وما التمسه الآن عند حديثي مع بعض الطلاب في المدارس الإعدادية والثانوية هو تدعيم لهذه الفرضية. حيث أن أسلوب بناء مدارسنا وللأسف الشديد لا يرتقي إلى مستوى بناء المدارس في الدول المجاورة وبعض دول العالم الأخرى، فهي لم تتطور ولم تتبدل منذ بداية إنشاء المدارس في السلطنة إلى يومنا هذا، إلا في ما ندر وقل من المدارس. وهذا الأمر يؤثر سلبيا على الطالب، حيث أن الطالب وهو في مرحلة مختلفة من حياته يحاول أن يواكب التطور والتقدم في مجالات الحياة، وإحدى هذه المجالات هي أساليب البناء، فحينما يجد الطالب نفسه في مدرسة بأسلوب بناء قديم فإنه يؤدي به إلى عدم إعارة هذه المدرسة الإهتمام، ليس لأنه لا يريد الدراسة فيها، بل لأنه لا يرى فيها أيا من جوانب التطور والتحضر. وقد يلجأ البعض إلى الدراسة في المدارس الخاصة نظرا لتطور أسلوب بنائها. وهنا لا أجد فرقا بين الطالب المجيد والطالب المتوسط أو الضعيف، فالكل يتأثر وإن كانت آثاره مختلفة بين طالب وآخر.

الفرضية الثالثة هي اختلاف أعمار الطلاب، حيث نجد أن التفاوت في معدل الأعمار بين الطلاب – في الصف الواحد – واضح جدا، حيث نجد الطالب الذي تعدى الـ 20 عاما في الصف الثاني عشر مثلا مع طلاب أخرين يصغرونه عمرا، وكذا في بقية مراحل الدراسة. وللأسف، فإن تأثير هذه الظاهرة على الطالب الذي لا يتعدى الـ 17 عاما كبير جدا. حيث أن أصحاب الـ 20 عاما وأكثر قد أمضوا أكثر عمرهم رسوبا وهروبا من المدرسة وعندما يأتي الطالب الجديد ويرى في صفه أمثال هؤلاء فإنه يتأثر بهم سريعا لكونهم أكبر منه عمرا وهذا ما يسمى في المصطلحات الحديثة (peer interaction).

بعد استعراض هذه الفرضيات الثلاثة التي ربما تكون جزءا من أسباب هذه الظاهرة المنتشرة، سوف استعرض بعضا من الحلول التي أتمنى أن يؤخذ بها وربما تكون سببا في الحد من انتشار هذه الظاهرة.

إن أول هذه الحلول هي الأنشطة الطلابية، فمدارسنا تفتقر إلى الأنشطة الطلابية المميزة، فما يتواجد الآن من مسابقات النظافة وبعض المسابقات الخاصة بحفظ القرآن لا تثير حوافز الطلاب ولا تقدم لهم المتعة بين أجواء الدراسة والتنافس المشحونة، وقد ذكرت بعض الدراسات أن الأنشطة الطلابية هي مراحل مكملة للدراسة ولها تأثير بالغ الأهمية على الطلاب. بالإضافة إلى ذلك، فإن قضاء وقت من العمل الدراسي مع وقت من النشاط الطلابي يعطي الطالب حافزا لبذل المزيد من الجهد. فلماذا لا يقوم المسؤولون بجعل الحصص الدراسية 7 حصص بدلا من 8 مع حصة للنشاط الطلابي فما أكثر المبدعين في مدارسنا ونحن لا نعلم.

حل آخر قد يكون ناجعا ومفيدا في الوقت نفسه، طلابنا تنقصهم الحصص الرياضية، فما نراه الآن، حصة واحدة للرياضة في الأسبوع أو حصتان، مع ضغط دراسي شديد، يؤدي إلى نتائج عكسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مدارسنا غير مهيئة جيدا لحصص الرياضة، فالأرضيات غير مناسبة للعب مباريات كرة القدم أو كرة السلة أو غيرها، لذلك أقترح أن تهيأ مدارسنا لحصص الرياضة المدرسية، وإضافة قاعة للسباحة وزيادة عدد الحصص الرياضية إلى 3 حصص رياضية. ولقد أولى الإسلام والشرع الحنيف الرياضة اهتماما بالغا حيث قال النبي الأكرم (ص) في حديث له:"حق الوالد على ولده أن يعمله الكتابة والسباحة والرماية". وفي هذا دليل واضح على أهمية الرياضة في حياة الإنسان وخصوصا إذا كان شاباً فتياً إلى جانب طلب العلم والمعرفة. وقال أحد الحكماء:" العقل السليم في الجسم السليم". فكيف نريد من طلابنا أن يتفوقوا دراسيا وأن يواكبوا الأمم المتقدمة في علومها ونحن لا نوفر لهم أسباب ذلك، وأهمها الجسم السليم.

النقطة الثالثة والتي قد تكون حلا لمثل هذه الظاهرة، هي تغيير المناهج الدراسية بطريقة منظمة بحيث تتواكب مع تطورات العصر، وتكون أكثر متعة للطالب مما هي عليه الآن وذلك عن طريق الإكثار من الجوانب العملية والتقليل من الجوانب النظرية. فعندما تستعرض أراء شريحة من الطلاب وتسألهم عن المناهج الدراسية التي يدرسونها، ترى أن معظم ملاحظاتهم تنصّب حول طول المنهج الدراسي وعدم تطبيقه عمليا، وفي بعض الأحيان لا يستطيع الأستاذ أن يُنهي هذا المنهج بالكامل. وهذا ما يؤثر سلباً على الطالب فيتجه للهرب من المدرسة لأنه لا يجد متعة فيما يدرسه.

النقطة الأخيرة، وهي تغيير أسلوب بناء المدارس، فطريقة بناءها الحالية هي طريقة عفى عليها الزمن وانتهت ولابد من النظر إلى الطرق الحديثة التي تجذب الطلاب للبقاء فيها إلى نهاية الدوام المدرسي. ولن يكون معيبا أن نرى كيف تقوم الدول الأخرى ببناء مدراسهم وما هي الاستراتيجيات التي يتبعونها في بناء هذه المدارس حتى تكون مكانا يحبه الطلاب.

ربما يكون اجتماع الحلول هذه معا، له تبعات عكسية، ولكن إذا ما تمت دراستها جيدا، وتم تقديم حلول أخرى، ومتابعة الطالب وأخذ رأيه ومعرفة أسباب هروبه من المدرسة بعقد الجلسات الحوارية مع الطلاب وتوزيع الإستبانات المتعلقة بهذا الموضوع، فسوف يتمكن المسؤولون من معرفة خبايا الأمور وأسباب انتشار وتزايد هذه الظاهرة والحد منها.

بعد استعراض سريع لأسباب هذه الظاهرة وبعض الحلول التي يُمكن أن تُتبع للحيلولة دون انتشار هذه الظاهرة أكثر من ما يحصل الآن. أتمنى أن يتحد المسؤولون وأولياء الأمور لوقف هذه الظاهرة وتواصلها في مدارس الطلاب، كما أتمنى أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون وقعوها في مدارس الطالبات، وقد تكون بدأت من حيث لا ندري، لأن حصول ذلك مع الطالبات يُعد طامة كبرى على أجيالنا القادمة.



رضا بن عيسى اللواتي
لم تـُنشر سابقا ..

2012/06/10

مقابلتي الكاملة "يوم التوحد العالمي"

مقابلتي الكاملة في برنامج "قهوة الصباح" بمناسبة "يوم التوحد العالمي" ..
تلفزيون سلطنة عمان ..


تحياتي ..

2012/06/08

مقابلتي في برنامج "قهوة الصباح"

بسم الله الرحمن الرحيم



هذه المقابلة التي أجريت معي بمناسبة "يوم التوحد العالمي" في برنامج قهوة الصباح .. تلفزيون سلطنة عمان
http://www.youtube.com/watch?v=v7dB4AmTf00


.. تحياتي ..

2012/06/07

Chronic Pain

One of the Presentations that I gave when I studied FAMCO rotation

الإعاقة الغامضة .. التوحد مرض أم حالة خاصة


مقالتي عن التوحد .. منشورة في مجلة "العامل" الإلكترونية ..
عدد أبريل 2012 ..

نُشرت سابقا في ملحق الأنوار التابع لدائرة العلاقات العامة والإعلام .. جامعة السلطان قابوس ...

2012/05/26

الكتاب .. مشكلة تبحث عن حل


مقالي الجديد بعنوان "الكتاب.. مشكلة تبحث عن حل" ..
نُشر في ملحق شباب عمان التابع لجريدة عمان
التاريخ 26/5/2012 ...

2012/05/19

رسائل قصيرة




مقالتي الجديدة المنشورة في ملحق شباب عمان التابع لجريدة عمان
تاريخ 19/05/2012 م

2012/05/12

وأخيرا .. ريال مدريد يُسقط برشلونة ..


وأخيرا ..
ريال مدريد يُسقط برشلونة ..

Barcelona vs Real Madrid


بعد ثلاثة سنوات من الإخفاقات المتتالية لريال مدريد في مباريات الكلاسيكو أمام الغريم التقليدي برشلونة، هاهو ريال مدريد يقدم مباراة كبيرة ويفوز على برشلونة في النيو كامب، وبالتالي يرفع الفارق إلى 7 نقاط.
          
        الكل توقع أن ريال مدريد سوف يخسر المباراة وربما بالخمسة والستة، كما كان يحصل في الأعوام السابقة. وربما كان أكثر المتفائلين من مشجعي البلانكوس أن التعادل سوف يكون فاصلا في المباراة، ولكن الذي حصل كان عكس المتوقع تماما، حيث فاجئ ريال مدريد بيب جوارديولا قبل الجميع بالأسلوب الرائع الذي اتبعه الفريق والذي أدى إلى حصوله على الثلاثة نقاط.
          
         مورينهو عمل على مبدأ الضغط على برشلونة في أول ربع ساعة من المباراة، حيث توقع جوارديولا أن مورينهو سوف يبدأ مدافعا كعادته، ولكنه فوجئ بطريقةٍ لم يعهدها مسبقا، وبهذا قلب ريال مدريد الطاولة على برشلونة حين سجل الهدف الأول عن طريق سامي خضيرة في الدقيقة الـ 17 من زمن المباراة. هذا الهدف حير الكثيرين من عشاق الفريق الكتلوني، فهم ما بين مؤيد ومعارض، البعض يقول أن الهدف جاء عن طريق تسلل بعد رأسية بيبي، والبعض الآخر يقول أنها هدف صحيح. ولكننا لو نظرنا من منظور آخر بعيدا عن التسلل وأحكامه، فإن الكرة قد اصطدمت بالحارس فيكتور فالديس وارتدت إلى كابتن فريق برشلونة – كارليس بويول -، وهنا تحتسب هجمة جديدة، حيث أراد أن يلعبها، وكان سامي خضيرة بالمرصاد مودعا الكرة في الشباك.
          
         بقية الشوط الأول كانت مثالية تماما من الجانبين، هجوم برشلوني قوي ومنظم وفي المقابل دفاع متماسك من ريال مدريد، مع هجمات مرتدة مثالية، لو استغلها الفريق الملكي لكان متقدما بفارق هدفين، وبالخصوص في نهاية المباراة حين تمكن الألماني مسعود أوزيل من المرور من لاعبين ثم تأخر في تمرير الكرة إلى بنزيما الواقف في المكان الصحيح لتصبح كرة تذروها الرياح. في هذا الشوط تمكن الريال من كسر هجوم برشلونة الذي عجز عن كل شي عدا امتلاك الكرة لأكثر من 70% من الوقت، وهذا الأمر لا يفيد في مثل هذه المباريات التي تُلعب على أخطاء بسيطة.
          
          الشوط الثاني أبدى فيه الفريقان تماسكا واضحا، مع بداية برشلونية واضحة لرفع نسق المباراة، حتى يتمكن من تسجيل أول أهدافه ليعلن التعادل، مع بعض الهجمات التي كانت على استحياء لريال مدريد. جهود برشلونة أثمرت عن هدف متأخر لألكيس سانشيز الذي أُستبدل في بدايات الشوط الثاني من المباراة بدلا عن تشافي هيرنانديز نجم خط وسط برشلونة، ومع تحركات الفريق الكتلوني، تمكن البديل من تسجل هدف التعادل، الذي كان من الممكن أن يقود برشلونة إلى تسجيل هدف آخر لو فتح له ريال مدريد اللعب.
          
           بعد ثلاثة دقائق من هدف التعادل، ريال مدريد يحاول من جديد، ومن هجمة مرتدة رائعة جدا، تمكن من تحقيق الهدف الثاني عن طريق رونالدو، الذي رفع رصيده إلى 42 هدفا متفوقا على ميسي الذي لم يستطع التسجيل في هذه المباراة ايضا. من خلال هذا الهدف، قدم ريال مدريد درسا مميزا في الهجمات المرتدة التي يتقنها من خلال سرعة لاعبيه ودقة تمريراتهم التي عادة ما تكون في الوقت والمكان المناسبين.
          
           وكالعادة، عاد برشلونة للهجوم مجددا، مع تكتل دفاعي مدريدي مرة اخرى، عمل من خلاله على فرض – جدار برلين – أمام هجمات برشلونة، والتي أنهاها اللاعب تيلو برعونة بالغة. ولكن من خلال هذه المباراة، رأيت أن ميسي كان غائبا أو لأقل الغائب الحاضر في المباراة، حيث لم يكن كما عهدناه في مباريات الكلاسيكو السابقة. ميسي، يبدو أنه تأثر من المجهود البدني الذي بذله أمام تشيلسي. وربما يكون متعبا بعد المجهود الذي بذله أيضا أمام ريال مدريد وسيؤثر ذلك على أداءه أمام تشيلسي في إياب دور الأربعة من دوري أبطال أوروبا.
          
           بقي لي أن أشيد بمورينهو الذي تمكن من اللعب بإسلوب هادئ أمام بايرن ميونخ، وتمكن بالخروج بنتيجة جيدة من المانيا، وتمكن أيضا من الفوز على برشلونة بعد ثلاث سنوات صعبة ومرة. هذين العاملين سوف يكونان بمثابة حافز كبير لمورينهو وأبناءه بتحقيق فوز ساحق على بايرن ميونخ في جحيم البيرنابيو.





رضا بن عيسى اللواتي

مسقط – سلطنة عمان

كتبت بعد مباراة الكلاسيكو الأخيرة